عدن ثغر اليمن الباسم، كتب عنها الرائع / حسن عبد الوارث ذات مرة: هي المدينة الوحيدة في اليمن التي لا تسألك عن هويتك، ولا من أين أنت .. لكن بسمتها العذبة أضحت باهتة، وتوشك أن تذوي، فالمدينة التي دائما ما رسمت بسمة رقراقة أمام وافديها، رغما عن وجودها على فوهة بركان، طالما اكتوت بحممه الملتهبة، لم تعد كذلك ..وبعدما كانت محط الرحال لجنسيات شتى، توشك ان تضيق ببعض أبنائها، وكثير من أرحامها . لها العذر، فظلم ذوي القربى أشد مضاضةً، وما أصابها من جور النظام السابق، لم يكن هينا.... إلا أن مأساتها تضاعفت بجريرة فئة من أبنائها، لا تزال سادرة في غيها، ولا تنفك تركن الى نهج انفعالي ساهم سابقا في تقديمها لقمة سائغة لنظام استبدادي، وتعمل الآن على زيادة معاناتها.. في إصرارهم علنا على تبني البعض لشعارات تستهدف تمزيق الوطن دونما اعتبار لعقلانية ولا واقعية.. أو فيما يضع بعضهم من شروط ومطالب للدخول في الحوار. مطالب ابناء المحافظات الجنوبية ، ربما فاقت في أهميتها المطالبات بإعادة هيكلة الجيش والأمن، الا انها ليست بجوهرية فعالية كالحوار الوطني ولا تصح ان تكون عقبة أمامه.. والإلحاح عليها لا غرض له غير إحكام العقدة في المنشار، كون هكذا مطالب تتماهي في النهاية ومطالب كافة اليمنيين، الذين لم يتحقق لهم الكثير في الفترة الانتقالية، بسبب حالة الهشاشة السياسية والأمنية، المستوجبة التركيز على الجوانب السياسية، لتتوارى إزاءها حتى المشكلة الاقتصادية، ولتتأجل كثير من الاستحقاقات لصالح إنجاز الفعل الأهم، وفق سلم الأوليات.. وحسب هذه الفترة أنها ستضع مداميك وأسس الدولة المدنية، دولة المواطنة المتساوية حلم الغالبية الساحقة، والحامل السياسي لليمن الجديد المتجاوز لسلبيات واخفاقات الماضي. الرئيس هادي، في خطاباته الأخيرة أكد أن لا حوار الا بمشاركة الجميع، مثلما أكد بنبرة حاسمة ان المبادرة ليست كوثيقة العهد والاتفاق .. والدلالة: اهمية مشاركة الجنوب في الحوار، فيما ضمانات تنفيذ ما سيتفق عليه اليمنيون، تتجاوز المحلي الى أطراف عديدة إقليمية ودولية، ترعى مسيرة التسوية وستضمن تنفيذ مخرجات الحوار، ومن حسن حظ اليمن ان المجتمع الدولي مع وحدته واستقراره، كونه يعي البديل السيئ الذي لم يستطع بعضنا إدراكه، وبرزت مؤشراته بجلاء.. فغير الحراك الانفصالي ، ظهر مؤخرا مكون سياسي ينادي بفصل حضرموت لا عن اليمن فقط وانما عن جنوبه أيضا، بدعاوى انها تعرضت للاحتلال مرتين، أولها بعد العام 1967م ، حين جرى ضمها لدولة اليمن الجنوبية سابقا، والأخرى العام 1990، بعد الوحدة.. وهي دعاوى تقدم مؤشرا لما ستؤول اليه الأحوال في الجنوب فيما لو تحقق الانفصال. عدن، مفتاح الحل والاستقرار لا للقضية الجنوبية فحسب، بل لليمن بأسرها .. وهي الاختزال الرائع للجنوب، والاستشراف الأجمل لما ينبغي ان يكون عليه كل اليمن، والنموذج الخلاق للمجتمع المدني الذي ينبغي ان يسوده.. ومشاركة ابناء المحافظات الجنوبية في الحوار ضرورة قصوى لا يعدلها شيء آخر.. فحين صرخت ضد الجور كان لا يزال غالبية اليمنيين في سباتهم العميق.. لكنها الآن تكاد تفقد ابتسامتها تماما، بفعل مسلكيات من يدعون التحدث باسمها.. والمدنية الرابضة على فوهة بركان خامل لآلاف السنين، قد ينفجر ذات لحظة مفجعة، ليلحق الدمار بالجميع. رابط المقال على الفيس بوك