بعدي يا من شمه باروت ولد السوق شمه معطارة كان إسماعيل يردد هذا المثل قبل عقدين بعد مشاركته في عملية خطف سائحين أجنبيين حينها ,مفتخرا بكونه أحد “حمران العيون” الذين تنضح رائحتهم بعرف البارود,وهو شحنة البندقية القديمة قبل ابتكار طلقات الرصاص. لأن السلاح لا صديق له ,ويبدأ أحيانا كثيرة برأس حامله ,فقد أصيب قريب لإسماعيل بطلقة قاتلة من فوهة سلاحه الآلي وهو يعبث به ,لكن إسماعيل لم يتوقف عن ترديد مثله المفضل ,ويبرر إصابة قريبه بكونها ضريبة الرجولة,لتظل رائحة العطور “المعطارة” تشيء دائما بأنك “ابن سوق” ,مع دلالة المصطلح يمنيا كمرادف ل”قليل أصل”. ليس ثمة تطور إيجابي في الصورة الذهنية المجتمعية حول السلاح كما يبدو,فلا زالت كلمة “رجولة” تترافق مع فوهة البندقية الموازية لرأس المبندق«الرجل». الإحصاءات السنوية المرعبة لوزارة الداخلية حول ضحايا السلاح لم تغير المعادلة ,فهي في تضخم مستمر لا يعرف التراجع,وخلال إجازة العيد الأخير وحدها سقط قرابة 40 قتيلا في حوادث عبث بالسلاح,يعني قتلا ذاتيا بغير قصد,فما بالك بحوادث القتل العمد!! صفقات السلاح التي تكشف في المنافذ الرسمية تتزايد وبعضها بالصدفة, ليس نتيجة يقظة أمنية ,بل نتيجة تزايد حمى تجارة السلاح,التي لا شك أنها قد نجحت بتمرير صفقات أكثر إلى مخازن تجار السلاح/الحروب,وستظهر آثارها الكارثية لاحقا,خاصة وبعضها صفقات نوعية كتلك المحتوية على كواتم صوت,ما يؤكد عمدية استخدامها في عمليات اغتيالات منتظرة,والبلد تمر بمرحلة أشد حساسية من أي مرحلة سابقة,بلد منهكة بأبنائها. في قلب العاصمة تنفجر مخازن أسلحة لا تتبع الفرقة,ولا الحرس,ولا الأمن,بل تتبع أشخاصا مجردون من أي صفة رسمية,بينما يفشل وزير الداخلية تحت قبة البرلمان عن تبرير موقف وزارته وأجهزتها المختلفة القابعة في زاوية العجز أمام ما يحدث. تجار السلاح أسماء معروفة وذات مراكز اجتماعية مرموقة,بل ومرجعيات لقضايا المواطنين كمشائخ ووجاهات من العيار الثقيل,بينما الأجهزة الرسمية تتعامل معهم كمخلوقات فضائية,ولم تتخذ ضد أي منهم أي إجراء قانوني حتى الآن. تعلن لجنة الشئون العسكرية والأمنية عن منع كل المظاهر المسلحة في العاصمة والمدن الرئيسية ,وعن عقوبات رادعة حيالها,لأتمعن في المشهد اليومي للشاصات وسيارات (الحبة) غالبا ,ومن يعتلونها من مسلحين شاهري سوءاتهم في الشوارع الرئيسية ,وأمام كل نقاط الأمن المنتشرة ,لكن لا شيء يتغير,كأن هؤلاء يردون :ورونا شطارتكم. أخضع أحيانا للتفتيش كأني سائق دبابة وليس سيارة عادية ,فأتساءل من أين يمر هؤلاء ؟! رد أحدهم بثقة وسلاحه على كتفه الأيسر: نقلهم احنا من خبرة الشيخ.........! الحمد لله الأمن موجود ,لكنه يطمئن لأتباع الشيخ فهم من عصافير الجنة,أو نزلاء دار الرحمة لليتيمات كما يبدو. إحدى لافتات التوعية بمنع حمل السلاح المنتشرة في شوارع العاصمة تحتوي العبارة التالية: سلاحي ثقافتي فهمها أحدهم على أن السلاح ثقافة لا يجوز التخلي عنها,وليس أن الثقافة سلاح أخلاقي يغني عن حمل السلاح الآلي. “السلاح سع المكلف,ما اسلمه لو أدي رأسي”. قال أحمر عين: ماذا لو قرح الرأس المزعوم لهذا الوغد؟ حتما سيغدو السلاح جزمة قديمة ترمى في أقرب برميل قمامة بدون رأس. لوجه الله وبطيبة نفس: حاكموا ولو تاجر سلاح واحد,واحكموا له بجائزة الدولة التقديرية,أو امنحوه دبابة أحدث طراز تقديرا لوطنيته,بس حاكموه. حاكموووووووووووووووووووه يا بجم.