في صباح اليوم الثاني والعشرين من أكتوبر الماضي كنت في طريق الحديدةصنعاء وعلى بعد مسافة صغيرة من أمانة العاصمة فوجئنا بأن الطريق مقطوعة في سوق بني منصور «مركز الحيمة الخارجية» ،وأستمر قطع الطريق من السابعة صباحا حتى السابعة مساء ،حيث ارتصت الناقلات والسيارات الصغيرة من أسفل نقيل الخميس حتى سوق بني منصور ، في مشهد لايشي سوى بهمجية صانعيه ولايعبر سوى عن النزوع نحو الفوضى ومحاولة أضعاف هيبة الدولة من خلال قطع الشرايين الرئيسية للحياة والمتمثلة في الطرقات الاسفلتية وكان منظر النساء والاطفال المأسورين بسياراتهم يدفع على الأسى . وعرفنا يومها ان اسباب قطع الطريق ترجع الى ان احد الجنود المتوفين في المنطقة انقطع راتبه عن ابنائه لشهرين متتالين ،الأمر الذي دفع ابناء المتوفى الى ركز برميل القطاع امام قريتهم وأقدموا على قطع الطريق نهائيا . المهم في الامر ان البرميل الذي قطع الطريق وعطل آلاف الناس كان يقع على بعد أقل من كيلوا متر واحد من معسكر النجدة وهو معسكر يتربع على مسافة لاتقل عن ميل مربع ،وعند بوابة المعسكر توجد نقطة عسكرية تستوقف السيارات على الخط الرئيسي ويقوم افراد النقطة بالتفتيش بإجراءات أمنية صارمة ،وعلى بعد بضعة امتار من معسكر النجدة يوجد معسكر مهيب تابع لقوات الحرس الجمهوري وعلى بوابة المعسكر توجد نقطة وبرميل ويقوم افراد نقطة الحرس بما يقوم به زملاؤهم من افراد النجدة ورغم ان المسافة قليلة بين المعسكرين ، إلا أن المضحك في الأمر ان بين النقطتين نقطة قطاع وبرميل يقوم افراد نقطة القطاع بالبحث عن سيارات تابعة لمنطقة معينة يأخذونها بدل سيارتهم المحتجزة عند ابناء المنطقة المطلوبة , وبمجرد ان تعدينا مسافة لاباس بها متجهين صوب العاصمة فوجئنا بوجود نقطة تابعة للأمن المركزي تستوقف السيارات والناقلات ويقوم افراد النقطة ببحث وتفتيش منهك لهم وللمارة ،ولا ادري عما يبحثون ، فإذا كان قصدهم البحث عن سلاح فلماذا لايصادورا اسلحة المتقطعين والمسلحين بأزياء مدنية . لكن الواضح أن أفراد الأمن يتعاملون وكأن أمر التقطع والقطاع لايعنيهم ولا يدخل في صلب مهامهم الأمنية . في خضم هذا المشهد استوقفتني ملاحظتان وهما: اولا طبيعة الاحترام المتبادل بين افراد النقاط الأمنية ونقاط القطاع بحيث لايعتدي بعضهم على بعض وان كانوا على مسافة قريبة من بعضهم ،ثانيا يوجد تشابه كبير بين براميل النقاط الأمنية ونقاط القطاع ،وغالب الظن ان براميل القطاع تستعار من النقاط الأمنية ،لأن البراميل متشابهة بألوانها اذا تبدو عليها اعلام وطنية . يومها اعتقدت ان ظاهرة القطاع لاتوجد سوى في محافظة صنعاء فقط ،لكني بعدها بثلاثة ايام فوجئت ان الظاهرة وطنية بامتياز ومنتشرة في اغلب المحافظات اليمنية ،اذ وجدت في الرابع عشر من شهر اكتوبر الماضي وانا في طريقي من صنعاء الى تعز نقطة قطاع في بيت الكوماني حيث كان هنالك برميل في وسط الخط يحيط به مجموعة من المسلحين المدنيين يبحثون عن أشخاص ينتمون الى منطقة الشعر محافظة إب،وفي منتصف نقيل سمارة من نفس اليوم صادفنا نقطة قطاع اقامها أبناء منطقة الشعر يبحثون عن افراد من بيت الكوماني . وفي تاريخ 6/ 12 /2012 أقدم مسلحون مدنيون على قطع طريق صنعاءالحديدة في منطقة حراز،وقبلها بأسبوع أقدم مجموعة ابطال مسلحين على قطع طريق صنعاءتعز في منطقة قاع القيضي خارج صنعاء . وهكذا تتوالى احداث قطع الطريق كل يوم في منطقة من مناطق الوطن اليمني ، وعلى الرغم من أن الشريعة الاسلامية تتعامل مع قاطع الطريق على انه مجرم حرابة عقوبته قطع احدى يديه واحدى رجليه من خلاف «جزاء بما كسبا نكالا من الله» الا ان الغريب في الامر ان الاجهزة الرسمية والمعنية تتعامل مع ظاهرة قطع الطريق وكانها حق من حقوق الانسان اليمني يجب احترامها والحفاظ ، إنهم يذكروننا بالرئيس السابق الذي كان يقول: إن السلاح جزء من شخصية الانسان اليمني ولايجب منع حمل السلاح. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك