أنا واحدة من أولئك الناس الذين يؤمنون بأن الإنسان غذاء، وأن شخصيته تصنعها ألوان الطعام التي يتناولها والطريقة التي يعتمدها في تناوله لهذا الطعام. كما أنني اؤمن بأن مزاج الإنسان وهدوء أعصابه وسلامة حواسه يتوقف على نوع وقدر الطعام المتناول مع التركيز على الطريقة التي يطهى وفقها هذا النوع أو ذاك من الطعام، ومن المهم أن نعلم أنه كلما كان الإنسان قريباً من الطبيعة في أصناف الطعام التي يتناولها كانت حياته ومستوى أدائه الصحي طبيعياً إلى حدٍ كبير في حين يصبح جسده سلة نفايات حين يعتمد الأطعمة المعلبة والمحفوظة والمجففة كثيراً في غذائه اليومي، لون البشرة التي يتمتع بها الأصحاء لا يشبه أبداً بشرة يغذيها أصحابها بالطعام المفتقد لطريقة الإعداد الصحية مع الاهتمام بمجموعة البهار والتوابل الواسعة التي تميز موائد العالم عن بعضها البعض والتي تفتح المجال لاستيعاب أنواع عديدة من الطعام قد لا تستساغ بمذاقها ولونها الطبيعي، وكلما كان البهار أو التابل طبيعياً ونقياً وبعيداً عن قواعد التصنيع المعقدة كان ذلك أفضل في ظهور الآثار الإيجابية على الجسد. وقبل أن تتناول طعامك يجب أن تعرف أن من الأطعمة ما تتناوله الروح برفقة الجسد وهي تلك الأطعمة القرآنية المحتوية على كميات عالية من الفيتامينات والمعادن والأملاح الضرورية لتشغيل عنصر الطاقة في جسم الإنسان وهي تلك الفواكه ذائعة الصيت كالتمر والعنب والتين والرمان ثم يأتي دور بعض الخضار التي يقف الزيتون على رأسها ويليها حبوب الأرض أو ما أسماها القرآن الكريم بالزرع كالشعير والذرة مثلاً وفيما يلي سأستعرض بعض الآيات الدالة على ما سبق: قال تعالى في سورة الأنعام:{ وهو الذي أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان متشبهاً وغير متشابه }. وقال تعالى في ذات السورة { وهو الذي أنشأ جناتٍ معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه} الانعام “99 141”. كما قال تعالى أيضاً في سورة النحل:{ ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات} آية “11” .. ويقول عزوجل في سورة التين {والتين والزيتون} آية “1” إلى سواها من الآيات التي تصور لنا الغذاء المثالي للإنسان والذي يقيم صلبه ويشبعه ويعينه على العبادة دون أن يؤذي جسده، وكما أن ذلك الغذاء النباتي الطبيعي من نعم الله علينا في الدنيا فهو أيضاً من نعمه علينا في الآخرة لكن بشكل ومذاق آخر تحت مسمى الفاكهة نفسها “لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون” “ وفاكهةٍ مما يتخيرون”.. غير أن هذا الطعام وحتى يصبح متوازناً أكثر فهو مدعوم بنسبة من البروتين قوامها لحم الطيور والأسماك وما أحل الله من الأنعام: {وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون} يس آية “72” {وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً} النحل آية “14”. بخيرات الطبيعة من فاكهه غنية بالفيتامينات ولحوم مشبعة بالبروتين في أشكال وألوان وأصناف شتى من أنواع الطهي الصحي الذي لا يفقد الطعام عناصره الهامة، لكنها ستكون قاصرة وأعني تلك المائدة.. ستكون قاصرة، عن نوع معين من أغذية الروح والجسد معاً وهو الماء {أفريتم الماء الذي تشربون، أأنتم انزلتموه من المزن أم نحن المنزلون} .. {وجعلنا من الماء كل شيء حي}.. ناهيك عن احتسائه بطريقة نبوية وفق ما جاء في كتاب الطب النبوي أنه كان صلى الله عليه وسلم يشرب الماء بعد تحليته بالعسل أو التمر أو الزبيب الذي يلقى بداخله مساءً ثم يصفى ويحتسى عند الصباح. النباتيون يشكون من هبوط الدم غالباً والذين يسرفون في تناول اللحوم تصبح طباعهم حادة وامزجتهم متعكرة ولهذا يقول القرآن {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} ويقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم “بحسب أبن آدم لقيمات يقمن صلبه” ويقول أيضاً “خير الأمور الوسط” صدق رسول الله. إذاً فإذا أردت شباب الروح والعقل والجسد عليك بالطبيعة فالهروب إليها أصبح ضرورة في ظل هذا الانتشار المحموم للحداثة والمدنية حتى في أصناف الطعام التي اختصرتها التكنولوجيا في أقراص كيميائية قد تحمل بعض الصحة لكنها عاجزة عن منح العافية.