الوضع القائم في الوطن يضعنا أمام منطق غرائبي أسميه معقول اللامعقول ، ذلك أن كامل النجاحات المشهودة على خط تكريس الشرعية التوافقية الجديدة تجابه تبلور مراكز قوى تواقة إلى استعادة واستنساخ التوافقية اللبنانية التي وضعت الدولة اللبنانية خارج نطاق الدولة ، وحولت الرموز السياسية المتكلسة إلى أمراء حرب اعتياديين، يتوزعون النفوذ على مساحة متواضعة لا تزيد عن عشرة الآف كيلومتر مربع ، فيما تجسد حالة عجز مزمن لقدرة الدولة على أداء واجبها بوصفها التعبير الجمعي عن الأمة . الذين يتمنون استنساخ هذا النموذج يعملون ضد تطور اليمن وازدهاره ، ولا يدركون أن اليمن يختلف جذرياً عن لبنان ، سواء بمساحته الجغرافية الشاسعة التي تصل إلى عشرة أضعاف مساحة لبنان ، حيث إن المرصود في مساحة الجمهورية اليمنية اليوم يصل إلى 755 ألف كيلومتر مربع ، كما أننا نتوفر على تراكيب قبائلية عصبوية تتجاوز لبنان بمراحل ، وإلى ذلك نتميز ببيئة كر وفر لا تغري مجرمي الداخل فحسب، بل أيضاً المافيات الإقليمية والدولية التي تجد في الحالة الجيو سياسية اليمنية مقدمة مناسبة للإستغلال التوسعي على مشاريعها المريبة . الاغتيالات الآثمة لقيادات المؤسسات العسكرية تدخل في هذا الباب الواسع ، وليس في مجرد المواجهة بين الدولة والقاعدة كما نروج دائماً. من أراد أن يعرف الحقيقة عليه أن يفتش في جيوبه عن الأقربين المشاركين معه في التوافق المخاتل ، والتأييد الكاذب لمقتضيات التغيير. بعد كل هذا ألا نستطيع تجويز كل السيناريوهات الافتراضية الكئيبة القادرة على تعطيل النجاحات النسبية حتى الآن ؟. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك