«أنا لا أثق في عقل الإخوان ولا في ضمير خصومهم». عصام القيسي كاتب وباحث يمني
في مائتي صفحة من الحجم الصغير يصدر قريباً الكتاب الأول لعصام القيسي، والذي يحمل عنوان «عودة العقل», يمثل هذا الكتاب باكورة أعمال القيسي الفكرية ومفتتح مشاريعه البحثية التي تنتظر دعماً لا مشروطاً يخرجها من أدراج الانتظار وغبار الإهمال, ومن المهم هنا تقديم الشكر للهيئة العامة للكتاب التي يرأسها الكاتب والصحفي القدير عبدالباري طاهر، والتي قامت بطباعة ونشر كتاب «عودة العقل» ضمن سلسلة دراسات فكرية تنوي الهيئة إصدارها على المدى القريب. يحمل عنوان الكتاب حقيقة مفادها: أن العقل العربي والإسلامي موجود, ولكنه غاب أو غيّب على الأصح وهو الآن يعود.. غيّب لأسباب ليس منها فقط احتكار رجال الدين الإسلامي لتفسير الإسلام بل وقيام بعضهم بتحريف معانيه وتضخيم مبانيه, وهو الآن يعود – أي العقل - نتيجة لجهود كثير من الكتاب والباحثين والذين بذلوا الجهد والوقت (ومنهم صاحب الكتاب) لتوضيح الغث من السمين في الفكر الإسلامي، وإعادة دور العقل في فهم النصوص الإسلامية. يجيب الكتاب على أسئلة كثيرة طالما أرقت ليس الكاتب فقط بل أغلب من يشتغل في حقل الفكر والثقافة وكل من يهمه خروج الوطن من شرك التطرف الديني وهم التطرف الأيدلوجي, ومنها: هل الإسلام بديل عن الإنسان؟ هل الأولوية للتأصيل أم للتأويل؟ من سرق الجمعة؟ هل انقلب المسلمون على الإسلام؟...؟...؟ وهي أسئلة تحفز العقل العائد على أن ينسى غيبوبته التي عطلت جهازه الرقابي «على نشاطنا الفكري فأخلى غيابه الساحة للوهم والخرافة». تكمن أهمية الكتاب في كونه يخاطب ليس ذلك النخبوى البعيد عن عالم الواقع بل ذلك المحدود الثقافة والمعرفة والذي أسماه القيسي «القارئ اليمني الوسيط», ولأن هذا القارئ الوسيط يمثل أداة «التنمية والنهوض والتغيير»، فإن المؤلف فضل الاهتمام به وعدم التكبر عليه، فدلائل الواقع تؤكد أن تجاوز هذا القارئ من أجل النخبة ليس إلا «إحراق للجسور المؤدية إلى بر الأمان». مؤلف الكتاب شخصية معروفة لها صولات في الفكر وجولات في الأدب، خاض غالب أحداثها على هذه الصحيفة وفي ملحقاتها (الوسطية وأفكار), وقد لقي بسببها ليس فقط التشكيك في دينه والاحتساب ضده ومقاضاته, بل تسببت بعض مقالاته (التي تكوِّن جزءاً هاماً من كتابه) في ملاحقته «وظيفياً وفصله من عمله مرّة تلو مرّة», غاص القيسي في الرمال المتحركة في الفكر منقباً عن معالم الصلابة فيها وخرج منها شاهراً عقله العلمي على «سلاح التسطيح الشامل»، وصارخاً «جربوا سلاح الفن», وبينما كان الأغلب مهموماً ب«سد الذريعة» ظل هو مناضلاً من أجل «سد الحياة».
«أتمنى أن يرزقني الله قارئاً نموذجياً يفهم ما أكتب دون زيادة أو نقصان.. وأن لا يبتليني بقارئ يقوّلني ما لم أقل, وينسب إليّ ما لم يخطر لي على بال!». عصام القيسي [email protected] رابط المقال على الفيس بوك