ولادات كثيرة في حياتنا دائما ما نرى بها مُبررات للبقاء وأخرى للهلاك والتفاني, مرة نرى أنفسنا مُولدين خارج جغرافيا الانتماء, ومرة أخرى نُولد مع شظية حرب وأخرى مع حالة موت غير طبيعية. يمنيو المولد والجنسية تارة ومنفيو الثقافة مرة أخرى, مُرتحلون بين زفير الأمكنة وبين تراتيل سفر لا ينتهي. أوجه كثيرة نرى بها وقد تحولنا من مواطنين إلى موطّنين , من حالة حياة طبيعية إلى حياة أشبة بتعويذة لا تنتهي , من خيارات العيش , إلى خيارات الشتات ..هكذا نولد دائما مفجوعين دون خيارات , دون أن نشق غُبار للقادم , دون ماهيات للبقاء , دون أوطان تمنحنا هوية حقيقية خارج زيف الجغرافيا المُصطنعة ..شعب مازال يعيش بلا ذاكرة , شعب مازال يعيش دون أدنى خيارات الحياة. أتذكر بدايات الطفولة وتفتح عقلي على من حولي حينها لم أكن أرى بكثرة تعدد الوجوه إلا أن كُل شخص من هؤلاء يبحث له عن مفهوم الهوية بطُرق بدائية وبريئة .. تارة من يبحث عن جنسية أخرى وهو لازال في العقد الأول من عمرخه ولم يرَ النور في وجه الحياة , وتارة أخرى يُولد بعض هؤلاء في أوطان أخرى فنحسدهم لأنهم يلبسون ثياب غير مقطعة, ثياب نظيفة فنرى في وجوههم أوطان جميلة تحترم طفولتهم وبراءتهم. كبرنا على أمل في تغيير أشياء كثيرة لكن كُل ذلك لم يحدث فما زال الفقر يضرب بقوة في العظم اليمني, ومازالت طاحونة الفساد تُغربل كُل منتجات البلد , ولازالت آلة القتل في أوج قوتها تقتل وتحصد ربيع أعمارنا. كُل ذلك يحدث ونحن لا زلنا في سباق مع الحُلم متى نحصل على هوية طبيعية في بلد كاليمن؟ فرُبما تقضي حياتك في كفاح دائم من أجل الحصول على شهادة جامعية ولا ترى بهذه الشهادة الكرتونية المنحوسة إلا مصدر للجُوع. إن لم يكن لديك شيخ قبيلة فطن وذكي يعرف كيف ينهب ظروفك ويمنحك عيونه الحمراء لن ترى النور لا بوظيفة ولا باستقرار مهما كُنت على درجة عالية من الفطنة والذكاء المُمكن .. لن تحصل على وظيفة وعلى مركز اجتماعي بين الناس إن لم تكن شهادتك الحزبية وبوقك في أعلى صوته .. لن تحصل على شيء سوى الرماد يُذر أمام أعينك إلا لتجد نفسك في يوم ما على الرصيف لتعرف مدى لعنة هذه البلاد على شبابها وشاباتها الطاهرين ..أن ننتمي لأكثر من ذاكرة , أكثر من وطن , أكثر من فياجرا الفاسخين بكُل ذلك سوف نعيش مُهددين تحت طائلة الخبز والعيش بكرامة خارج الانتماء لقماءة حصار ينتهي بك إلى أقرب مدكى قات بقصيدة عنترية تتفتت أمام كُل بحشامة قبيلي يرى فيك مصدر رزقه ومصدر تنفسه في كُل شيء. حقاً نحن شعب مُولد خارج جغرافيا الانتماء! مولدون دائما ببوابة عسكر , بوابة فاتحين يقتلون ظروفك في عز النهار ويمنحونك ألماً لا ينتهي إلا بتواري جسدك على من على هذه الأرض التي لم تمنحك يوما ما فُرصتك في العيش وفي التفكير وفي الكتابة وفي العيش بسلام. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك