كم يعتصرنا الألم ونحن نشاهد شخصاً واحداً مثل مراد علم دار ومعه نفر من المغامرين يسطرون أروع الانتصارات في وادٍ كوادي الذئاب بينما وحدات من الجيش والأمن المتمركزة في نواح من مديريات رداع لم يسمح لها أن تحقق شيئاً في واد كوادي الثعالب مديرية ولد ربيع من محافظة البيضاء فكيف لو كانوا في وادي الذئاب. إن هذه المقدمة ليست تهكماً من النذير ما يدعونا إلى التنقيب الجاد عن السر الغامض وراء إجهاض العمليات العسكرية في وادي الثعالب المطل على وكر القاعدة في المناسح وخبزه والذي جاء أي الإجهاض بدعوى الوساطة القبلية من بعض المشائخ وفي تصوري أن هذه الوساطة باطلة عقلاً ..!! فإذا كان هذا الوادي قد شهد عبوراً مماثل اًلوساطات من مشائخ مديريات رداع نسفت جهودها في وقت سابق باغتيال جنديين وضابط في كمين نصبته عناصر قاعدية في نفس الوادي.. فكيف نعيد الكرة ونحاول انتزاع الماء من النار.. وهذا غباء فما في النار للظمآن ماء..!! من يستخف بوقف إطلاق النار ويحتسب أن ذلك إنجاز عليه أن يفهم أن لهذا الوقف بعد هذا الحشد الكبير الذي كلف الدولة مئات الملايين في ظرف ساعات والبنية تأتي ضريبة فادحة لا يفطن لها إلا الراسخون في قراءة الفنجان السياسي والتاريخي. وقبل الحديث عن العواقب التي تتربص بالوطن شراً إن تمكن السماسرة من تحسين عملية الإجهاض يجدر بنا التعرض لأنباء تسربت من الجبهة وأكثرها أهمية الارهاصات التي استبقت نقطة أحرم وأدت إليها والتي وقعت الساعة ال 5 من بعد عصر يوم بدء العمليات القتالية الموافق 28/1/2013م وأسفرت عن نقل وإصابة 32 جندياً. ومن باب الإنصاف تظل في حكم الشائعات حتى يثبت العكس فقد تحدثت المعلومات عن أن شخصاً حليق الذقن أقبل على متن سيارة من جهة مدينة رداع ضاحكاً بشوشاً وعندما اقترب من النقطة أوهم الأفراد أنه بصدد إعطائهم كمية من القات عندئذ تسابق عدد من الجنود لاحتياز هذه العطية المغرية وفي الوقت الذي رآه الإرهابي مناسباً بعد تكاثر المتحلقين على سيارته بادر في غفلة من القوم بتفجير السيارة. ألا ترون معي أن هناك أساليب ونقاط ضعف يمكن أن تمثل مصيدة سهلة لاستدراج الجندي انطلاقاً من استغلال مستواه المعيشي المزري والسؤال: لماذا لا يتم تزويد العسكر بكافة الاحتياجات والمستلزمات العينية والمادية بما فيها أعواد القات على الأقل في ميدان المعركة فعامل كهذا يحصن العسكري ضد عادة التطلع إلى ما في أيدي الناس وبالتالي توفير أكبر قدر من الحماية للمقاتلين من أي أدوات وضيعة للاختراق. وإذا قدمنا مصلحة الوطن وأمنه واستقراره فلا ضير من القول إن التباين في المستوى المعيشي الذي يميل لصالح قلة قليلة يصيب الكثرة الكاثرة بالإحباط يعطينا نتيجة مُرة تجعل الانتصارات مؤجلة حتى إشعار آخر. ولا يجب إغفال أساليب تجار الحروب الحقيرة الذي يزرعون الحيل والمؤامرات لإطالة أمد الحرب فهي تشكل بالنسبة لهم فرصة ثمينة لا تعوض لتحقيق الشيء الكثير من المكاسب التي لا توصف ولا تخطر على قلب بشر التي يجيدون جنيها بأبسط حجة فظروف الحرب كما نعلم تحتم العطاء السخي دون تفكير أو تأن وهو ما لا يتوفر في الظروف العادية. في اليوم الثاني للعمليات القتالية ومع اقتراب قرص الشمس من المغيب خيم الهدوء على جبهات القتال في وادي الثعالب بمنطقة قيفة إثر وساطة قبلية وبالرغم من أن هذا التحول في الظاهر أمر إيجابي لحقن الدماء ويكفي الأهالي مؤونة وتبعات فاتورة الحرب الباهظة وهذا شيء حسن بيد أن الإجهاض المبكر للعمليات في هذا النطاق الجغرافي الحساس يحمل دلالات ذات أبعاد خطيرة على الوضع الأمني والحياتي والوحدوي للوطن واستقراره على المدى القريب والبعيد وتخلف في المفهوم الجمعي انطباعات سيئة للغاية منها: أن الحكومة استعانت بالوساطة القبلية التي فشلت سابقاً لحفظ ماء الوجه بعد شائعات عن تواجد عناصر القاعدة. القضاء على الأحلام الوردية بقرب ميلاد دولة النظام والقانون المدعومة بجيش وطني قوي. إعطاء زعيم القاعدة في رداع هيلمان ومهابة أسطورية، كان يحلم بها تساعده على التمدد والتوسع في المناطق والمحافظات المحيطة. الاعتراف الضمني ومنح الضوء الأخضر لإقامة إمارة الذهب الموعودة في المناطق التي يسيطر عليها أولاد الذهب على غرار إمارة الحوثي غير المعلنة في صعدة. تشجيع زعامات قبلية طامحة لإنتاج التمرد في المناطق التابعة لها مما ينذر لا سمح الله بتفكك تلقائي لأوصال اليمن الموحد ليس على أساس شمال وجنوب بل على قواعد قبلية عشائرية بحتة. هذا كلامي وعلى حكومة الوفاق ووزارة الدفاع أن تبرهن بالدليل القاطع أن هذا الكلام مجرد أضغاث أحلام..!! رابط المقال على الفيس بوك