قاعة مليئة بالأطفال مع أسرهم، آباء أثقلت كاهلهم تكاليف علاج أولادهم، أمهات جحظت عينوهن ألماً لآهات أطفالهن. أطفال تحكي أجسادهم معاناة لا تنتهي. أطفال حلمهم مختلف وهيئتهم مختلفة. أطفال يلهثون وأمامهم مستقبل مظلم. مستقبل اُختزل في صورة يحيط بها شريط أسود. مستقبل تهالكت أعمدته. أنهم أطفال الثلاسيميا،، والمناسبة: الاحتفال بتدشين الحملة الوطنية للتوعية بمرض الثلاسيميا وتكسر الدم الوراثي. منذ عام تقريباً حضرت في نفس القاعة بمناسبة اليوم العالمي للثلاسيميا وتكسر الدم الوراثي، يومها أبكانا «عبد الوهاب» وهو يصف آلامه ومعاناته مع المرض، والذي أفقده طفولته، وجعله يعيش مع أسرته في خوف من مستقبل ضاعت ملامحه بين أروقة المستشفيات وقرب الدم وجهاز تنقية جسده الضعيف من الحديد! منذ عام كان حضور أطفال الثلاسيميا وأسرهم قليلاً، يومها كان عدد المصابين في جمعية الثلاسيميا «1000» مصاب. منذ عام كان حضور وزراء الحكومة قليلاً، إلا أنهم حضروا!. أما هذا العام فقد كان حضور أطفال الثلاسيميا لافتاً للنظر، وقد وصل عدد المصابين الذين يتلقون علاجهم في الجمعية «1600» مصاب! وغابت الحكومة هذا العام! نعم غابت ولم يحضر منها إلا وكيل وزارة الصحة ومدير مكتب الصحة بالأمانة. يالعار حكومتنا..! يالعار وزرائها..! حفلة تدشين وسمت ب«الحملة الوطنية» فحضر أطفال الثلاسيميا خوفاً على أقرانهم القادمين. وحضرت جمعية الثلاسيميا خوفاً على أسر بأكملها. وحضر أهالي المصابين خوفاً على وطن بلا شباب. وغابت «الحكومه»، والتي من المفترض أنها هي الراعية الرسمية لهذه الحملة! غاب من يرعون شؤون هذا الوطن ومستقبله. غاب من هم المفترض فيهم حماية هذا الوطن وسن القوانين التي ترعى مستقبله. حكومتنا لا تبالي..! مشاريعها لا تسمن ولا تغني من جوع. كيف يخطط هؤلاء لمستقبل وطن يعاني الكثير وزادته الثلاسيميا معاناة ، تنهش أبناءه وثرواته؟ لأكثر من عشر سنوات والجميع ينادي بضرورة تفعيل أو سن قانون فحص الدم قبل الزواج لكلا الزوجين لنحمي مستقبل أبنائنا. ألا تعلمون أن «فلسطين» تلك الدولة التي ترزح تحت الاحتلال فلسطين الدامية الباكية، سجلت العام الماضي «3» إصابات فقط للثلاسيميا وهي التي كانت أكثر دولة سجل فيها معدل إصابات مرتفعة؟ والسبب قانون فحص الدم قبل الزواج. ألا تعلمون أن «الكويت» يغرم القاضي ب«5000» دينار والحبس أذا أبرم عقد زواج بدون إجراء فحص الدم! ألا تعلمون أن «السعودية» يشترط القانون فيها لإتمام عقد الزواج ليس فقط فحص الدم لكلا الزوجين بل ومستند لتسديد جميع المخالفات المرورية!! حكومتنا...! إن الإسرة هي عماد المجتمع، وقد نادت جميع الأديان السماوية بضرورة أن يكون بناؤها وتكوينها صحيحاً، بل إن سلامة الأسرة تعتبر من أولويات الحياة الطبيعية. إن ديننا الإسلامي وشريعتنا السمحاء وضعت أسساً لقيام المجتمع، وضوابط لحياة الأفراد، واهتمامها بما يربط بين الزوجين داخل الأسرة من مودة ورحمة، ومشروعية التداوي تعتبر من أهم ثوابت الشريعة الإسلامية. وقانون فحص الدم لكلا الزوجين لإبرام عقد الزواج هو من باب الوقاية خير من العلاج... ودمتم. [email protected]