عندما بلغ مسمعي خبر وفاة الفقيدة جمالة البيضاني الشخصية الاجتماعية والوطنية أصبت بالذهول لكون وفاتها بقدر ما هي خسارة وطنية وإنسانية فهي فقدان لشخصية فاعلة في المجتمع وها هي قامة نسوية من ذوي الإعاقة نفقدها بعد الفقيدة فاطمة العاقل. جمالة البيضاني رحمها الله شخصية شجاعة ولديها من القدرات الإدارية والتفاوضية القوية ولديها من الشجاعة الأدبية في رفض المظالم وقد عانت أيضاً أثناء الثورة الشعبية السلمية كونها اصطفت إليها وأوقف بعض النافذين حينها مساعدات غذائية للسكن الداخلي للمعاقات .. أسست جمعية التحدي للمعاقات1998م وركزت على التعليم للمعاقات والتدريب والإيواء للقادمات من المناطق الريفية، ولعل الزائر إلى الجمعية سيلاحظ أنها خلية نحل سواء لإحضار ونقل الطلاب أو لمراجعة الحالات بما فيها العلاج إلى الخارج، كما إن مركز العلاج الطبيعي الذي يخدم فئة المعاقين حركياً من مختلف الأعمار إضافة لمركز علاج الأسنان وهي خدمات بذلت الفقيدة جهوداً لترى النور لخدمة ذوي الإعاقة ومدت ذراعاً لخدمة الإعاقة في محافظة عمران بدءاً بالتأهيل المجتمعي CBR للمعاقين أي تدريب المعاق وأسرته على فهم الإعاقة وبالتالي التعامل والتعاون الصحيح معه وكذا إبعاد ما يعيق حركته في المنزل، وجمالة شخصية نسوية قوية وذكية عندما قابلها العديد لا يرون فيها عدا الإعاقة الجسدية باعتبار أن النظرة النمطية تسقط الإعاقة على كل عقل وتفكير المعاق، ولكنها الإعاقة من جعلها وسيلة لإخراج حالات الكثير منهم ومنهن إلى الحياة العامة وعندما تذهب إلى الجمعية لترى براعم من الشابات اللاتي يعملن ويدرن الجمعية وأنشطتها السالفة الذكر في مقالتي.. وهذا لأن جمالة كانت عقلية استراتيجي وحاشدة للدعم وهي تدقق في نوعه ومدى فائدته وبعيداً عن الاستغلال وهي الآن عند زيارة لي لمركز الخدمات الإنسانية في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عامين رأيت بعض المتدربين والمتدربات من اليمن بعضهم جاءوا عن طريق جمعية التحدي، وعندما قابلت رئاسة المركز الشيخة جواهر عبرت لي عن سعادتها بقيادات نسائية من المعاقات وأشارت بالاسم للفقيدتين جمالة البيضاني وفاطمة العاقل وشعرت بفخر بذكر أسمائهن وبالمناسبة الاثنتان من محافظة البيضاء. جمالة شخصية فذة تمتلك شبكة من العلاقات مع شخصيات تهتم بالشأن الإنساني ومنهم المدرب المصري العالم المرحوم ابراهيم الفقيه ولعله أخرج مهارات البرمجة العصبية إلى حيز الوجود في البلدان المختلفة والنامية ومنها اليمن وزارنا وحرص على زيارة جمعية التحدي وتأثرت جمالة بوفاته وقالت كان ينصحني ويشجعني وكانت تحرص على اشراك المعاقات في برامجه التدريبية التي تقام بحضور الكثير في قاعات كبيرة عندنا في اليمن. حلم كبير تركته على المهتمين والمحبين للعمل الاجتماعي والإنساني مع المعاقين والمعاقات يواصلون تنفيذه فقد كنت أتابع حلمها، فبعد جهد تمكنت من اختيار الأرضية حوالي 4آلاف وقام صندوق رعاية وتأهيل المعاقين بشرائها وتمكنت من تخطيط الأرضية وحرصت على وضع مجسم للمباني لتساعد على تقريب الفكرة ولما كنت أسألها التشييد تبتسم رحمها الله وتوضح بأنها تحرص على أن يكون الداعم ليس لديه أهداف أو ترويج وأن يفهم معنى أن تكون للمعاقات مدينة للتحدي تشمل خدمات تعليم وتدريب وإيواء وأن يكون في المدينة أنشطة ذات طبيعة استراتيجية تمول خدمات المعاقات والمدينة عموماً وكانت قبل وفاتها تتابع الحصول على أراضي في المحافظات لبناء مباني لجمع المعاقات وتدريبهن وتواصل الجمعية حالياً العمل لاستكمال ما بدأته الفقيدة ..تمتلك جمالة رحمها الله طاقة تفاوضية استراتيجية وقبل قدوم رمضان تبدأ متابعة المانحين لإرسال ما يستطيعون وفق كشوفات بالأسماء إضافة لفاعلات الخير اللاتي يأتين ويقابلن المعاقات. رغم إعاقاتها تحرص على موائد الأمطار الرمضانية مع المعاقات المقيمات وتدعو شخصيات نسائية لخلق التواصل مع المعاقات وكأنها تعطينا رسالة اليوم لتواصل بعد غيابها. حقيقة لا أنسى تجربة السكن الداخلي لطالبات الجمعية وذلك الجو الحميمي للمعاقات وهن يدرن مسكنهم من طبخ وتنظيف إضافة لعاملات نظافة وترى السكن والغرف الموزعة فيها حسب الأعمار والإعاقة وقاعة الجلوس والتلفزيون وبالطبع تفكر كزائر كيف جاءت الفكرة والتمويل والاستمرارية أما جمالة تبتسم وتقول الخير يجي .. شعلة من العمل والعطاء لجمالة التي غيبها القدر عنا وهي لا تتجاوز ال38ولا أنسى صعوباتها الصحية التي تتغلب عليها وجهاز التنفس في أنفها وأنبوب دبة الأكسجين التي تنقلها من السيارة للمكتب وهكذا دواليك مبتسمة وبشوشة . لقد غيرت بدورها كثيراً من النظرة النمطية شهران على وفاتها منذ 15ديسمبر 2012م رحمها الله رحمة الأبرار وعوض وطنناً خيراً ..وألهم أهلها ومحبيها الصبر ورحم اللَّه جمالة وفاطمة ولنبحث عن مثيلاتهن ..لن ينسى الله المعاقات وستتواصل أعمال الخير والإنسانية استمراراً لما بذرته جمالة من خير ومحبة وتحدي رابط المقال على الفيس بوك