عقد بصنعاء أخيراً المؤتمر الثالث للاتحاد العربي لعمال البلديات والسياحية والذي ينظمه عدد كبير من الحركات النقابية العمالية في الخليج والوطن العربي والنقابة العامة لعمال البلديات والإسكان في بلادنا وسط صمت حكومي وغياب واضح للإدارة المحلية والسياحة والثقافية كونهن الجهات المعنية بالقضايا التي يتناولها المؤتمر. وهذا يدل على ضعف الوعي الاجتماعي والمؤسسي بالسياحة كصناعة عصرية ضرورية لاستنهاض الواقع وتطويره والكثير من بلدان العالم تعتمد في مواردها على الدخل من السياحة بتنوعاتها المختلفة حيث تشكل السياحة فيها أحد أبرز الأعمدة اللازمة للتنمية حيث ترفد الموازنة العامة بأهم مورد اقتصادي. واليمن تكاد تكون من البلدان القلائل التي تتميز بمعوقات سياحية وثقافية عالية جداً، ويمكن الاستفادة من هذه المقومات في استنهاض الواقع الاقتصادي والتنموي والخدمي وتطوير آلياته وكذا خلق وعي سياحي بالأهمية التاريخية والاقتصادية والتنموية والثقافية لهذا البلد المتنوع والثري بكنوزه التاريخية والأثرية والطبيعية. وفي الغالب في مثل هذه القضايا يلقى اللوم على المواطن ويتهم بتدني وعيه في هذا الإطار وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالصناعات السياحية. في تقديري هذا غير صحيح ..لأن المواطن وفي كل بلدان العالم يلعب دوراً أساسياً في إنتاج السياحة وتفعيلها في عموم المجتمعات الريفية. فالأسرة الريفية تقوم بإنتاج العديد من الصناعات اليدوية التي تشد انتباه السائح الوطني أو الأجنبي في البلدان الفقيرة نجد أن سكان الريف يعيشون على الدخل المادي من عائدات هذه الصناعة ولكن الانتاج الصناعي السياحي نتاج دراسة علمية دقيقة ورؤية استراتيجية مستقبلية تقوم بها الحكومات. وفي ضوء ذلك تقدم بإكساب المجتمع مهارات وخبرات المجتمع وبالتالي يتولى المجتمع إحياء الصناعات التقليدية وإعادة تفعيلها ولكن في بلادنا لا توجد استراتيجية وطنية واضحة ولا يمتلك المجتمع المحلي رؤية واضحة في هذا الإطار ولهذا نجد أن هذه العملية غائبة من الذاكرة الاجتماعية ومن ذاكرة المجالس المحلية والتي ينبغي أن ترتكز خططه الإنمائية على عائدات وحداتها الإدارية كعائد من الأنشطة الاجتماعية الواعية وهذه الأنشطة تتنوع بتنوع المجتمعات المحلية وثقافتها وبتنوع خصائصها الجغرافية والثقافية والطبيعية والنشاط الاجتماعي القائم وبالتالي تهدر موارد محلية تقدر بالمليارات سنوياً كان ينبغي أن تكون رافداً اقتصادياً واجتماعياً وتنموياً لهذه المجتمعات .. والمعطيات الاجتماعية تؤكد أن السلطة المحلية ومجالسها المحلية عبارة عن فقاعات وظواهر صوتية لا ترتبط بالتنمية والتطور وإلا لما احتاجت المجالس المحلية لموارد أخرى أو بديلة للموارد المحلية فالواقع يزخر بالعديد من الأنشطة الاقتصادية والثقافية والمهارات الاجتماعية المتعددة. والواقع الاجتماعي اليمني زاخر بالعديد من المقومات السياحية العريقة وهي غاية في الأهمية وتتعدد بتعدد التنوع المناخي والتضاريس والحيوي. وللسياحة في بلادنا مظاهر كثيرة منها القومية والوطنية ومنها الصحراوية والجبلية ..البرية والبحرية..وكذا سياحة الجزر بما تحويه من تنوع جغرافي ومناخي وتضاريسي وفيها تنشط سياحة الغوص والشعب المرجانية وتنوع حيوي نباتي وحيواني ..وهناك أيضاً فرص استثمارية كبيرة في الجزر يمكن تنميتها وتفعيلها وبتكاليف قليلة جداً وهناك أيضاً حركة ثقافية وفو لكلورية شعبية خاصة بكل مجتمع محلي وجميعها تلعب مع السياحة الدينية والتاريخية دوراً تنموياً واقتصادياً واسعاً. فكل مجلس محلي يستطيع أن يضع لنفسه خطة ترتبط بالواقع وخصائصه ومن الخصائص الثقافية التي يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في التطور والتغيير.. في المجتمعات المحلية كم واسع من الصناعات اليدوية التي ينبغي أن تكون موضوع التنمية فيها وكذا الملابس الشعبية وما تنتجه البيئة الشعبية من نباتات عطرية وعلاجية وغيرها وكذا توفر بعض الحيوانات والطيور التي يقل وجودها في وحدات أخرى وجميعها تشكل ثروة اجتماعية وتنموية وعلى هذه الأنشطة تستطيع المجتمعات المحلية العيش والبقاء والتعاطي مع الواقع. ومن هذا المنطلق فالمرحلة المقبلة تتطلب أن يعاد بناء الواقع على أساس اللامركزية وإفساح المجال واسعاً أمام المشاركة الشعبية الواسعة والاستفادة من جهود المرأة ومختلف الفئات الاجتماعية فمن الضروري جداً أن تدمج أنشطة السلطة المحلية ومجالسها التنموية بحركة الواقع واحتياجاته الضرورية والأساسية ومن الأخطاء التي وقعت فيها السلطة المحلية في الماضي عدم الاستفادة من الفرص الاستثمارية والسياحية في وحداتها الإدارية وعدم قدرتها على استغلال المبدعين في إطار النهوض الشامل. بالإضافة إلى أن الحركة البنائية في إطار كل وحدة ينبغي أن تكون مطابقة للواقع ومعتمدة على المواد المتوفرة فيها بما في ذلك المؤسسات الحكومية والخاصة فمن المعيب أن يتم البناء بالأحجار المكلفة ومن خارج البيئة المحلية فالبناء بالطين أو الحجارة المحلية أو الأخشاب والقضاض و النورة وغيرها من المواد التي استخدمت قديماً في البناء من منتجات هذه البيئات المحلية أمراً في منتهى الأهمية والضرورة. رابط المقال على الفيس بوك