كثيرا ما تشغل منظمات المجتمع المدني نفسها بقضايا التمييز ضد المرأة وتأخد من الزواج المبكر نموذجا للاضطهاد والتعنيف إلا أنها رغم حملاتها التوعوية لاتزال تتحرك بآلية قديمة تحتاج إلى من ينفض عنها الغبار فهي تتحرك هنا أو هناك دون أن تخبرنا إلى أي مدى استطاعت أن تناهض الظاهرة وتصحح من المفاهيم التي تحث على زواج ليس الصغيرات فحسب، بل من في اللفة. إن الحملات التى نفذت قبل عشر سنوات هي نفسها تعاد وتكرر والغريب أن أغلب الورش والحملات التوعوية دائما ما تدشن في عواصم المحافظات الكبرى كصنعاء وعدن وتعز والحديدة وغابت عنها المديريات التى لا ترى في الزواج المبكر أى مشكلة بل سترة للمرأة من شبح العنوسة يصونها من سلك طريق غير سوي يقود إلى الهاوية. إذا كان المشرع اليمني حتى اليوم لم يخرج بقانون يحرم الزواج المبكر فهذا يدل أن المهمة صعبة جداً على المنظمات الإنسانية وعلى كل من يعارض فكرة زواج الفتاة بسن الطفولة؛ لذا ينبغي أن يستهدف مؤيدو الزواج المبكر حتى نمحو من رأسهم المفاهيم البالية ليسهل على المشرع إصدار القانون الذي مازال حبيس أدراج مجلس النواب. إن التعداد السكاني لليمن أعطى مؤشرات أن نسبة النساء أكبر من الذكور وهذا يعني أننا سنواجه مشكلة الزواج المتأخر أى ارتفاع العنوسة التي أصبحت ظاهرة للعيان في المدن الرئيسية فهل سيأتي اليوم الذي نجد فيها منظمات حقوقية تناصر الرجل وتحثه على الزواج بأربع وإن لم يستطع وإقناع المرأة المتزوجة بقبول أكثر من ضرة تشاركها (العش الزوجي)حتى لايكون رفضها يندرج تحت مسمى عنف المرأة ضد المرأة ويتخارج منها (سي السيد) إن ورشة العمل التي نظمت بالتنسيق مع ملتقى منظمات المجتمع المدني وفرع نقابة الصحافيين بالحديدة ودعم من منظمة بروجرسيو والسفارة البريطانية واستهدفت إعلاميي المحافظة مثلت فرصة لاستعراض مفاهيم مناهضة التمييز ضد المرأة والعديد من الاتفاقيات التى وقعت عليها اليمن ودون تحفظ (سيدو) ومع هذا لايزال العنف مستمرا، يمارس بالوراثة أبا عن جد وبالذات في الأرياف. الجميل في الورشة أن الختام أعقبه نزول ميداني للفريق الإعلامي للاطلاع على صور العنف ضد المرأة إلا أننا صدمنا بواقع آخر أن المرأة في الريف نادرا ما تعرف معنى عنف حتى إن أحد الصحفين سأل إحداهن إن كان زوجها يعنفها فكان مفهومها عن العنف بترديدها كلمة “الأنف “ وهي تؤشر على أنفها وعند التوضيح لهاسخرت من سؤاله فهي غير مهتمة بحرمان بناتها من التعليم و تزويجهن بسن مبكرة فالعنف عندهن الفقر والجوع والحرمان همها أن يسكنها زوجها مسكنا يحفظ كرامتها ويصونها والباقي بحسب المتعارف عليه بالعادات والتقاليد. في المراوعة إحدى الفتيات تزوجت وعمرها 14 سنة قالت وبالفم المليان لو يرجع بها الزمن إلى عشر سنوات وجاء من يتقدم لخطبتها لقبلته زوجا فهي نادمة على السنوات الأربع العجاف التي قضتها دون زواج و ضاعت من عمرها دون”عسل” . هنا الناس لاينظرون للزواج المبكر بأنه عنف هم تعايشوا معه والطفلة التى تزوجت وعمرها 14 سنة تبدأ بتجهيز ابنتها لزواج بسن لا يقل عن سن زواجها وحتى لا يقال فلانة (باير). فهذا الزواج يعتبرسمة من سمات المجتمعات الريفية رغبة منهم في الإكثار من الأولاد والخوف على الشرف والعرض ودعم الروابط الأسرية ورغبة لإثبات الرجولة. ما يؤسف له أنه في الوقت الذي أصبح الزواج متأخراً وارتفع سن الزواج بسبب الظروف الاقتصادية نجد من يتحدث وهو واضع رجلاً على رجل عن الزواج المبكر وياريت يبكر فقد أصبحنا على مشارف أن يكون في كل بيت عانسا. أعتقد أن الزواج المبكر سينخفض لا محالة ولا يحتاج أن تعمل له (زحمة) فالحياة من حولنا تتغير؛ المدنية غزت الريف وإذا كانت هناك أسر لا تزال تؤمن بالزواج المبكر وتعتبره من الإسلام فإن الزمن كفيل بالقضاء على هذه الظاهرة التي تختصر عمر الفتاة ولايتيح لها أن تمر بمرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ. رابط المقال على الفيس بوك