لاشك أن الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية قضية مؤلمة .. تتطلب التعامل معها باهتمام وجدية واتخاذ إجراءات فورية حازمة .. في سبيل حماية الثروة المائية من الاستنزاف والعبث لأنها عنصر أساسي للأمن الاجتماعي واستقرار السكان خاصة وتناقص المخزون المائي يشكل خطراً يهدد حياة الجميع وتلك حقيقة مسلمة .. ولذلك لابد أن تتضافر جهود جميع الجهات المعنية للحد من تلك الظاهرة بالطرق السليمة وبالأساليب القويمة .. من خلال التنسيق المستمر فيما بينها والعمل على وضع استراتيجية وآليات واضحة لتنفيذها بفاعلية وبأساليب حكيمة .. يأتي في إطارها وضع الضوابط اللازمة .. التي تتعلق بحفر الآبار وفقاً لتقارير المختصين بهيئة الموارد المائية والحرص على تفعيل تلك الضوابط والتقارير قبل الحرص على جمع المال من رسوم الحفر(الدسمة) .. والمبادرة بتنفيذ أمرين مهمين أولهما الإيقاف الفوري للعبث والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية ، والآخر منع الحفر العشوائي للآبار ومحاسبة المخالفين بشدة وصرامة .. وذلك دور وزارة المياه والبيئة ومهمتها في سبيل درء الأخطار الداهمة .. إضافة إلى ضرورة التوقف عن التوسع الزراعي الذي يستهلك كميات كبيرة من المخزون المائي ، فما أهدر منه خلال السنوات الماضية كان من جراء الحفر العشوائي للآبار حيث استهلكت كميات هائلة من المياه في استخدامات غير سليمة .. ونتجت عن ذلك آثار خطيرة لحقت بالوضع المائي نشأت عنها الأزمة الحالية في المياه وصعوبة الحصول عليها لشحة مصادرها وهذه أمور واضحة ومفهومة .. وللأسف الشديد إن هناك إصراراً على الاستمرار في ممارسة هذا العبث بالنعمة .. الذي ينذر بكارثة أليمة .. وبالتالي لابد أن يدرك الجميع خطورة المشكلة التي لن تورث سوى الندامة .. والنقمة من مولى هذه النعمة إله الرحمة .. فالوضع يبعث على القلق وأصابع الاتهام تتجه نحو كل متهاون بحق المجتمع والأجيال القادمة .. وهنا تبرز العديد من المهام التي يجب أن تتكفل بها الجهات المعنية بدءاً بنشر الوعي حول ما يمكن أن يواجهه المجتمع من أخطار نتيجة لنضوب مخزون المياه الجوفية مما يهدد الحياة بصورة عامة .. وكذا العمل على ترشيد الاستخدام والمحافظة على ما تبقى من المخزون المائي وتغذيته من خلال ابتكار طرق حديثة مفيدة ومعلومة .. وكما يحدث في العديد من البلدان يمكن معالجة مياه الصرف الصحي واستغلالها في الري بالصور الملائمة .. إضافة إلى الاهتمام والجدية لوضع الحلول المناسبة لاستيعاب مياه الأمطار التي تهدر على مرأى من الجميع سنوياً وضرورة المحافظة عليها كثروة عظيمة ومنحة كريمة .. وذلك ببناء المزيد من السدود والحواجز المائية للاستغلال الأمثل للمياه وخزنها بطرق محكمة .. وتوظيف وسائل التقنية الحديثة في بناء السدود وإقامة شبكات الري بخبرة وإتقان وذمة .. فمياه الأمطار والسيول لها دور في غاية الأهمية سواء لتغذية الأحواض الجوفية للمياه أو للاستفادة منها في الزراعة والري وتلك خطوة داعمة لهذه المجالات القيمة .. كل ذلك يستدعي بالضرورة وضع الاستراتيجية المذكورة لتحقيق تلك المهام بهمة وعزيمة .. وفق آليات تنفيذية تتضمن برامج وخطط مدروسة وفعالة للتوعية بحيث يكون لها التأثير المناسب بين جميع أوساط المجتمع عبر مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة للأهمية الكبيرة والأثر البالغ للكلمة .. وكذلك عبر جميع وسائل الاتصال الجماهيري والتوجيه والإرشاد في سبيل انتشار الوعي لجعل مهمة الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها مسؤولية تامة .. يتحملها جميع أبناء الشعب إلى جانب الهيئات العامة والجمعيات الأهلية التي تتحمل قدراً كبيراً من هذه المهمة .. وليصبح الأمر بمشيئة الرحمن سلوكاً يتحلى به الجميع في وطن الإيمان والحكمة اليمانية .. وتلك هي القضية . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك