هاهو الحوثي يعود مرة أخرى لممارسة هوايته المفضلة التي امتهنها منذ أن سنحت له فرصة ركوب موجة الثورة في واحدة من مفارقاته التي تتكرر تباعاً بين الحين والآخر , يعود الحوثي مجدداً لما برع عليه وهو هواية الابتزاز والانتهازية . ثمة شيء ترمي له جماعة الحوثي بعد رفضها اخلاء الساحة ؛ هذا ما تبادر إلى ذهني عندما علمت أن الساحة قد أخليت ألا من خيام الصرخة , وكالعادة فالمبررات التي طرحوها لا تخرج عن تحقيق أهداف الثورة ومحاكمة القتلة و و و , أصبح هذا التهريج مع كثرة تكراره مملاً ومن السذاجة بمكان التوقف عنده ناهيك عن الاعجاب به أو حتى تصديقه ابتداءً . اليوم اتضحت صورة وحجم الانتهازية لمن لم يفهمها حتى اللحظة ؛ يطالب الحوثي باعتبار جرحاه إبان تمرده في حروبه الستة باعتبارهم جرحى الثورة الشعبية , كما ويطلب من لجنة الوساطة المنبثقة عن اللجنة العسكرية توظيف ثلاثة آلاف من عناصر الحركة ؛ والأدهى من كل ذلك مطالبته ب (نقل قدم ) تقدر ب اثنين مليار ريال , أجور مسيرات واعتصامات وطباعة شعارات الصرخة (العابرة للقارات ) متضمنة أيضاً النثريات وبدل بردقان (شمة) , وقات . أشعر برغبة كبيرة في الضحك على مستوى السذاجة والبله الذي وصل إليه هؤلاء كما تنتابني نوبات من الحزن والألم على الحال الذي أدى بهؤلاء ليكونوا بمكان يتيح لهم طرح مثل هذه التفاهات دون أن يجد أحدهم في نفسه ما يجعله يخجل لمجرد أن يكون ضمن فرقة الانتهازية الجديدة هذه . منذ أن بدأت جماعة الحوثي في حروبها التوسعية في الجوف , والثورة في قمة عطائها في شهرها الرابع والخامس , أدركت أن وراء هذه الانضمام ما وراءه لكنه ليس عفوياً وبريئاً - على كل حال – كما شُبه لنا حينها , فالثورة لم تكن بالنسبة لهؤلاء إلا حصان طروادة يعبرون من خلاله لتحقيق مالم تحققه (مسرحية ) الحروب الستة بين الاخوة الأعداء . وأنا هنا مسئول كامل المسئولية على هذه الجملة الأخيرة التي أوردتها . بالنسبة لي لست مندهشاً تماماً من هذه الشروط التي طرحتها جماعة الحوثي , بالقدر الذي يدهشني وجود بعض من يبرر تلك تحت يافطة مظلومية صعدة . مظلومية صعدة المدينة لا يختلف عليها اثنان , ليست صعدة الحق الحصري للسيد , ثمة مجاميع غفيرة تقع خارج اطار انتهازية السيد وجماعته وتسكن صعدة في والوقت ذاته , غير أن أحداً لا يأبه لهؤلاء , ولا ينشد لقضيتهم العادلة المتمثلة بتلخيصهم من فك الغولة التي ابتلعت كل معالم الحياة في مدينتهم , لسببين لا يقل أحدهما وجاهة عن الآخر ؛ الأول امتلاك السيد لترسانة الموت الذي تسلط به على رقاب كل بقعة يصل اليها شعار الصرخة في ظل صمت غير مبرر أخلاقياً من الجهات الرسمية ناهيك عن المبررات القانونية ومدلولات السيادة الوطنية وما تقتضيها . السبب الأخر ؛ هو عطاءات السيد , فهو يعطي عطاء من لا يخشى الحاجة , فكيف سيجد من يقف في صف خصومه ؟! حتى لو كان الظلم والجور والتشريد في صفهم !! حتى لو كان السيد يمارس البابوية الخانقة على المدينة في كل شبر منها , فلن يجد من يدين ويستنكر تلك الجرائم الانسانية طالما وخزينته مشرعة على هذا النحو , سيجد في حراج الصحافة و منظمات المجتمع المدني من يقايض مقابل تحسين حتى صورة العُهر والانحطاط ذاتهما . خارج مدينة صعدة ينزح أكثر من خمسمائة صعدي لم تحتويهم الصرخة لمجرد أنهم كانوا على الجهة المتاخمة لهذا (التهريج) ونأيهم عن التواجد في مسرحية الصراع بين الزعيم والسيد , بينما في أقبية المدينة مئات السجون , يرزح فيها الالاف , لا أحد يأبه لتلك الفئات للسببين المذكورين آنفاً . دعوكم من المزايدة على دماء وتضحيات شباب الثورة , فهذه التقليعة باتت من الوضوح بمكان ايضاً للجميع . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك