لا أظن قيادة القوات الجوية او حتى وزارة الدفاع , يمكنهما تبرير حادثة سقوط الطائرة الحربية الثالثة فوق سكان العاصمة بالخطأ المصنعي أو الخلل الفني , فمن غير المعقول تقديم مبررات كهذه , فيما الحقيقة تبدو واضحة للعيان وأن سقوط هذه الطائرة - بالذات - كان بفعل فاعل , وأن ثمة أيادي خبيثة وحاقدة ربما تكون من داخل القاعدة الجوية او من خارجها , تقف وراء هذا العمل الشنيع الذي يهدف الى ارباك العملية السياسية واقلاق الامن والسلم الاجتماعي في هذا البلد. ومع ايماني وقناعتي التامة أن مثل هذه الاعمال الاجرامية ليست سوى محاولات بائسة لا أكثر , تستهدف مشروع الثورة السلمية وإيقاف عجلة التغيير التي تدور رحاها في مختلف المؤسسات المدنية والعسكرية , إلا ان عملية التحقيق والبحث والتحري في هذا الموضوع يجب ان تكون بشكل علني وبشفافية مطلقة وبدون تعتيم او تضليل على الرأي العام , فمن حق الناس في هذا البلد ان يعرفوا صديقهم من عدوهم , وان يعرفوا من هي القوى او الاطراف التي تقف وراء هذه الاحداث والاعمال التخريبية التي تدمر القوات الجوية وتسعى الى اضعافها , واضعاف النظام السياسي القائم وتقويض جهود الرئيس هادي في مواصلة استكمال عملية التغيير واستعادة الدولة . الكثير من المواطنين يجهلون من يقف خلف عملية اسقاط الطائرات العسكرية , لكنني على يقين ان معظمهم يدركون الهدف من ذلك , ويدركون خطورة استمرار مثل هذه الممارسات الاجرامية والتدميرية , في الوقت الذي تبدو فيه الدولة واجهزتها المعنية في حالة ضعف شديد نتيجة الاوضاع والظروف المعقدة التي نعيشها خلال هذه المرحلة , ولذا من الاهمية القصوى ان نبحث عن حل للغز سقوط الطائرات العسكرية , لابد أن تكشف نتائج التحقيق وملابسات هذه الحوادث وتقدم للناس كحق من حقوقهم المشروعة , وعلى الاقل ليكون ذلك ايضاً مؤشراً على حتمية وضرورة مواصلة عملية التغيير السلمي واستعادة القوة والعافية المعنوية للدولة ومؤسساتها . ومع تصاعد حدة القلق والمخاوف وإثارة حالة كبيرة من الشكوك بين المواطنين على خلفية تكرار الحادثة في هذه المرحلة وفي ظل هذه الظروف التي يشهدها الوطن , ليس في مصلحة قيادة القوات الجوية ولا حتى في مصلحة حكومة الوفاق الوطني , ان يتم التعتيم على المسببات الحقيقية لسقوط الطائرات الحربية وفي العاصمة بالتحديد من يقف وراء ذلك , وليس في مصلحتهم تقديم مبررات واهية في هذا الخصوص , لأن من شأن ذلك التستر عن الطرف المتسبب كمجرم وارهابي يهدد أمن ومستقبل البلاد والعباد , ويتيح له المجال لممارسة المزيد من الاعمال التخريبية والتدميرية ضد الدولة ومؤسساتها وأجهزتها وضد الوطن والمواطنين بشكل عام. كما ان اصرار الحكومة على ممارسة سلوك تقديم المبررات واختلاق الاعذار التي تهدف الى تضليل الرأي العام واخفاء الحقيقة عن المواطنين , يعرضها للتشكيك في قدرتها على تحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها ازاء الاحداث والظروف التي تمر بها البلاد , وقد لا يتوقف الامر عند هذا الحد بل قد يصل حد التشكيك في عملية التغيير والعملية السياسية برمتها , وحد التشفي والسخرية من قبل بعض القوى المعادية للثورة الشعبية السلمية . إن الفارق الكبير في الوعي الاجتماعي اليمني بين فترتي ماقبل الثورة ومابعدها , لم يعد يتقبل هذا النوع من التبريرات , والرقابة الشعبية التي تصاعدت نسبتها بعد ثورة التغيير الشبابية , اصبحت اليوم قادرة على تقييم مسار الاحداث وقراءة مابين السطور , واستشفاف حقيقة الامور وحقيقة مايجري على الساحة الوطنية وبدون لبس او قصور في الفهم او في الرؤيا , وهنا لابد ان اشير الى شيئ مهم جداً وهوأن بإمكان حكومة الوفاق استغلال حالة الوعي المجتمعي وارتفاع نسبة الرقابة الشعبية لصالح فرض وتمرير المشروع الوطني واستكمال عملية التغيير السياسي في نظام الحكم , بغرض تجاوز كافة التحديات والعراقيل والتغلب على نفوذ ومراكز القوى التقليدية التي تعترض عملية التغيير والسير في طريق المدنية والتقدم والبناء . رابط المقال على الفيس بوك