فجعني أصدقاء, كنت وسأبقى معتزاً بصلة قربى معرفية جمعتني بهم على صعيد واحد من الهم والحلم المشترك، وهم يلبسون الحق بالباطل ويكتمون ما يعلمون من الحق في قضايا البينة فيها أولى, والفرقان بها أخص، وتدور هذه القضايا بين السياسة والدين فيما يتصل بها من رأي وموقف محكومين بمرجعية قيم الحسن والقبح أو الخير والشر أو الحق والباطل. إن التصدي لفواحش الإثم والبغي والعدوان ومواجهة باطل بطش الجبابرة والطغاة، يقتضي براءة من الإثم وتطهراً من فواحش جرائمه ومفاسده بصورة يتجلّى فيها الفرقان بين حق لا لبس فيه ,وباطل لا شبهة به ,طبعاً بالقدر المعقول من نسبية المعرفة البشرية وعجزها عن بلوغ المطلق والكمال, فإذا التبس الأمر بين الفئتين كان التيه والضلال حالهما الذي عاقبته لكليهما خسران مبين. من معالم اللبس القائم في الخطاب السياسي الراهن القبول بجرائم معلومة بعرف السياسة وقوانينها المحلية والدولية، كجريمة عدوان دولة على اخرى وهو القبول الذي وصل عند كبار مقترفي إثم التلبيس الى المطالبة بالعدوان الخارجي بل ومباركة جرائمه التي اقترفت بكل الباطل المعروف لنا بأعراف الجاهلية الأولى ومواثيق الشرعية الدولية في عصرنا هذا. وفي الدين عموماً والاسلام تحديداً نهي مبين عن اقتراف جرم العدوان بمشاعر الحقد والبغضاء تجاه قوم افحشوا بالجرم بحقنا ,ونهي مبين عن تجنب العدل في هذه المشاعر مردفاً بأمر التزام العدل باعتباره الاقرب الى اتقاء الجريمة والاجرام ,هذا الفرقان المبين ميسّر بلسان عربي لمن كان له قلب وألقى السمع وهو شهيد حين يتدبره في الآيتين 3 ،8 في سورة المائدة. وحين يقبل من يزعم إنه مدافع عن المستضعفين منتصر لحقهم في الحياة والكرامة ضد بطش الجبابرة ومفاسد الطغاة ، الجرائم المقترفة من هؤلاء المستضعفين أو من يزعم انه مؤيد لهم وداعم لكفاحهم، فقد أجرم وجرمه شنأنه بالإعتداء وتجنب امر العدل والاحسان ومن مفاسد هذا التلبيس إنه يضر بأهله ويسقط العدالة عن قضيتهم وثير الشبهات في الدوافع والغايات كما في المقدمات والنتائج. ربما نعذر محدودي التعقل وقليلي المعرفة لو قبلوا أو برّروا لأنفسهم الاستعانة بالشيطان على عدوهم، لكن العقلاء من ذوي العلم والمعرفة الواسعة بالسياسة والدين لن يقبلوا بغير الحق ولن يستعينوا بغير الرحمن، ذلك ان الباطل كله في الشيطان وحزب الطامعين في عونه وغوثه. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك