الدولة المدنية عند الأخ عبدالمجيد الزنداني، ومريديه من شيوخ الدين ومشايخ القبيلة، هي دولة الفواحش الجنسية التي تبيح اللواط والسحاق، وتشرعن زواج هذه الحالات.. والأمثلة التي تبرهن ادَّعاء الأخ الزنداني مأخوذة من واقع قائم في بعض دول الغرب التي هي دول مدنية . يعرف الأخ الزنداني أن مدنية الدولة لا علاقة لها بشرعنة الشذوذ، لأن الصفة المدنية موضوعة للتفريق بين نمطين من الدول، أحدهما الدول الدينية والآخر الدول المدنية، وهذا التفريق لا علاقة له بالموقف من الدين بقدر ما هو تحديد لمصدر السلطة وشرعيتها السياسية، فالدولة الدينية تحكم بالحق الإلهي، بينما يكون الحق في الحكم في الدولة المدنية هو الحق الشعبي، فالشعب مالك السلطة ومصدرها . وما دام الشعب مالكاً للسلطة ومصدرها، فإن الدولة المدنية في شعب مسلم كاليمن مثلاً لن تشرعن فُحش اللواط والسحاق.. وعليه، فإذا كنا نسلِّم بأن الإسلام لا يمنح لفرد أو فئة الحق في ولاية الحكم بالنص والتعيين، ولا يعارض في أصوله وكلياته أن يكون الشعب مالك السلطة ومصدرها، فإن الدولة في الإسلام، أيضاً هي دولة مدنية، ولن تكون بأي حال من الأحوال دولة للفواحش والشذوذ، لأنها سوف تتعامل مع هذه الانحرافات بما يؤمن به شعبها من قيم الدين التي تحرِّم وتجرِّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتشرعن لها ما جاء به القرآن من أحكام لجرم الزنا في سورة النور، وجرم الشذوذ في الآيتين 15، 16 من سورة النساء . من المهم أن نتحرى الصدق والعدل في القول، ونؤدي أمانة الكلمة إلى أهلها من الناس، مجتنبين لبس الحق بالباطل وكتمان ما نعلمه من الحق عن الوقائع والقضايا في المعارف والواقع، فمثلاً تكون شرعنة الشذوذ، في بعض الدول الغربية، انحرافاً عن الحق الطبيعي الظاهر في زوجية الأشياء والأحياء، وتحريفاً لحدود الحرية الشخصية، يتجاوز طابعها الفردي إلى النطاق المجتمعي، وهي على العموم حالات محدودة لبعض فساد الحداثة الغربية، ومفاسد ما يصدر عنها باسم المدنية والديمقراطية، وهذا يدفعنا للتمسك بمدنية الدولة . ليست المواجهة إذاً بين المدنية والدين، بل بين الحق الإلهي والسيادة الشعبية، والحكم في الإسلام حق للناس، كما أن ولاية سلطاته اختيار من عند الشعب، ومفاضلة بين أصحاب حق في هذه الولاية هم من الناس، وهم مواطنو الدولة.. والقول بالدولة الدينية يعني أن الحق في الحكم محدد بنص، وهذا أمرٌ يدعيه آل البيت.