فجأة وفي ساعات الصباح الاولى وأنت تحثُ الخطى متوجهاً للعمل أو لشانٍ ما تفاجأ بان أغلبية من في الشارع إن لم يكونوا كلهم أصبحوا فجأة يمارسون القراءة , والمطالعة وأين ؟ في الطرقات ويخيل لك كما لو أنك في إحدى المدن الاوروبية ,التي يقرأ فيها الأغلبية حتى وهم ينتظرون المواصلات ,أو يتناولون الغداء ,فجأة اليوم تجد معظم من في الشارع يحمل كتاباً ومنهمكاً في قراءته وقبل أن تنفرج سريرتك ,ويخطر في ببالك حلم صحوة ملخصهُ وأخيراً ( أمة اقراء صارت تقرأ) ومنذ ساعات الصباح الباكر وقبل أن تتمادى في دهشتك وحلمك المستحيل يصلك صوت (الأولى غلط , الثانية صح ) حينها فقط تختفي الدهشة وتصحو من حلمك حين تصطدم بسور تدرك بعده أنك تمر بالقرب من مدرسة وهي اليوم مركز امتحان نهائي للمرحلتين الاساسية ,الثانوية , وما كان ذلك و كل أولئك إلا نماذج فقط من أمة (من غشنا فليس منا ) وللأسف . مع اقتراب موعد الاختبارات النهائية للمرحلة الاساسية , والثانوية , هذا العام كثرت الاقاويل والتكهنات حول الاستراتيجية المعدة من قبل وزارة التربية والتعليم لمواجهة (ظاهرة الغش) وجاء وزير التربية بالخبر اليقين حيث زمجر وأرعد وتوعد في بيان له بان لا مجال للغش هذا العام فالاختبار كما قال سيكون اكثر من نموذج وهناك رقابة مشددة ستكون على سير الامتحانات و و و و.. والحقيقة أنه ما كان لتصريحات الوزير لترعب عاقدين النية ,والعزم على الغش ,أو لتضبط خطته سماسرة الغش الذين باتوا مشهورين وبالاسم كما لم تكن احتياطاته الأمنية , والإدارية لتوقف جحافل نجاح الغش ومجاميع (إفرقوا شباب) . فقد بدأت الامتحانات وبدا معها ايضاً تصدر أخبار وصور (الغش الوقح ) والذي يتم وللأسف اليوم بموافقة وتسهيل من يقومون بمراقبة اللجنة الامتحانية كما تظهر الصور حتى ان بعض الاخبار أكدت تورط رؤساء مراكز امتحانية بفرض رسوم تسهيل غش على الطلاب في بعض المراكز الامتحانية . في لقاء جمعني صدفة بإحد المعلمات التي سبق لها مراقبة سير الامتحانات وكنت قد بدأت بمعاتبتها و زملاءها المعلمين والاستغراب كيف يحدث الغش في ظل تواجدهم كما يردً في الصور فأكدت لي انه لا مجال لمنع الغش بل وروت لي تجربتها الشخصية المرعبة مع المراقبة والتي كادت فيها أن تفقد حياتها خصوصا في ظل غياب توفير الحماية اللازمة لهم من قبل الأجهزة المعنية روت لي المسكينة تفاصيل الاعتداء عليها بالألفاظ البذيئة , ورميها بالحجارة ومخلفات القمامة بمجرد خروجها من المركز الامتحاني من قبل طلاب وأصدقاء وأقارب لهم كانوا في الخارج يسهلون لهم الغش وكيف تم تهديدها بالاختطاف حتى من قبل سائق التاكسي الذي أوقفته هاربة منهم وكان هو أيضاً بالقرب من المركز الامتحاني بل وأكدت لي ان حتى العسكر المكلفين بحماية المركز الامتحاني يسهلون الغش ويتقاضون مبالغ مقابل ذلك وكيف رد عليها عسكر الأمن حين استغاثت بهم وهي يعتدى عليها ب (وأنتي ليش بالحركات ) ومضوا عنها اخيراً اكدت لي أنها لم تعد تذهب للمراقبة من بعد تلك الحادثة بل وأصبحت تدفع كل عام مبلغاً من المال مقابل اعفاء من تلك المهمة الخطرة . الحقيقة المؤسفة اليوم هي ان الغش لم يعد يقتصر على مجرد برشام صغير يكتبه طالب بخط يده فالأمر أصبح اكبر من ذلك بكثير فقد توسع وتشعب وأصبح لدينا مافيا غش وسماسرة وكلٌ وللأسف يدلو بدلوه في تسهيل الغش , وهدم قيمة النجاح بمجهودك ابتداء من أكبر مسئول في إدارة التربية والتعليم , وانتهاء بأصغر رتبة لمسئول أمن في الخارج . أخيراً .. أمنياتي الصادقة بالنجاح والتوفيق فقط لأولئك الذين سهروا الليالي طلباً للعلى والنجاح . .