ها نحن في اليوم الثاني لاختبارات الثانوية العامة بعد أن خاض الطلاب امتحاناتهم وسط تهديد ووعيد تربوية في تنفيذ حزمة من الإجراءات الصارمة ضد الغش والغشاشين ومن والاهم وبالذات تعز التي بكرت «غبش» بتصريحات الويل والثبور لمدير تربيتها الأستاذ عبدالكريم محمود صبري التي بشرت كل من يخل بسير الامتحانات بمواراته خلف الشمس. من غرائب الإجراءات التي سمعناها ذلك القرار التربوي في حشر ثلاثين ألف طالب وطالبة من مديريات المحافظة وريفها في حبيل سلمان ورغم عدم تطبيق مثل هكذا قرار خاطئ إلا أن مجرد إشاعته بين اوساط طلاب الثانوية انعكس سلباً على نفسيتهم ونفسيات أولياء أمورهم وأخذ التفكير بهم مأخذ الهذيان. إن الغش لايعالج بقرار ارتجالي في يوم وليلة لأن من الصعب المعالجة دون تصحيح مسار التعليم أولاً كتوفير الكتاب المدرسي والمدرس الكفؤ وهذا أضعف الإيمان. في اليوم الأول من الامتحانات نسجِّل بعض الملاحظات وأظنها لم تكن قيادات التربية غافلة عنها إلا إذا تعمدت غض الطرف. والسؤال الذي طرح نفسه على الطلاب: لماذا يميز طلاب ثانوية المدارس الخاصة عن الحكومية في الاختبارات كأن يختبروا في فصول خاصة بهم ويحرم على الطالب الحكومي أن يكون مع الخاص في كرسي واحد؟! وأخشى أن تأتي الإجابة من أن الطالب (الخاص) يغش بفلوسه. ولماذا شوهد التلفون السيار مع البعض منهم بينما اعتبر حمله بالنسبة ل(الحكومي) من المحرمات؟!. مظاهر الشباب (الصياع) مازالت تشاهد أمام المراكز الامتحانية وبالذات مدارس البنات فنجدهم يقتحمون أسوارها دون أن يكون لرجال الحراسة الأمنية أي دور يذكر، لدرجة أن أحد هؤلاء الشباب المتهورين يدخل الفصل ويلقي بالبراشيم بعد أن دفع بالمدرسة المراقبة وألقى بها أرضاً دون أن يقبض عليه.. فقط ملاحقة كذابة من رجال الأمن. أصحاب (المقاصف) أيام الامتحانات لايبيعون (الصبوح) بل البراشيم داخل (السندوتش) وهو بذلك يوفِّر قيمة الحبة الجبن التي ارتفع سعرها وعوض خسارته بالبرشامة التي يبيعها للطلاب وهم في قاعة الاختبار وبأسعار خيالية. شكت إحدى الطالبات من هاتف المرُاقَبِة الذي ظل يرن طوال الاختبار ساعة ترد وساعة تتركه يرن حتى يصمت (أتوماتيكياً) ضوضاء أثرت على الجو الامتحاني الذي يفترض أن يوفر للطالب أثناء الاختبار فكيف للمُراقَبِة أن تضبط سير الامتحانات وتمنع الغش وهي مشغولة بالحديث عبر الأثير مع من لاندري فالعلم عند علام الغيوب؟!. أخيراً : إن الغش أصبح له امبراطورية حاشيته من المدرسين والعسكر وأولياء الأمور وأصحاب المقاصف.. فإذا أردنا القضاء على هذه الآفة يجب أولاً أن نخلص التربية من الفساد ومن بعدها سيصبح الحديث عن مكافحة الغش حديثاً ذا معنى ومكافحته فعالة وليس كلاماً وتصريحات صحف.