حكاها شخصان لصديقهما الذي بدا منصتاً ومستغرباً في نفس الوقت لأنه واجه مشكلة مماثلة في الامتحانات العامة الأخيرة , فكما قال الراوي : اتفقا مع أحد الموجهين الذي عيّن رئيس لجنة في أحد المراكز الامتحانية للثانوية العامة أو الإعدادية على أن يساعد ولديهما في الغش مقابل مبلغ متفق عليه أو أن هذا الموجه رفض في البداية لكنه وأمام إلحاحهما عليه لثقتهما بأنه يستطيع العبور بالولدين إلى مابعد الخمسة والتسعين بالمائة من المعدل والذي يسمح لهما بالالتحاق بمنح دراسية في الخارج. ثم قبِل العرض وفي جعبته خطة اهتدى إليها لمّا عرف بأن لدى الطالبين براشيم مثل غيرهما من الطلاب المختبرين وقرر أن يتغاضى عنها لينقلا في دفتري الإجابة كل جواب صحيح, ولكن الأسئلة أو معظمها لم تكن سهلة, فهي مختلفة عن الأجوبة التي توقعا بأنها صحيحة بناءً على معلومات متبادلة أو تسريبات من شخص يعمل في المهنة عرّف نفسه أو قادهما إليه البحث التقليدي قبل الامتحانات عن كل من يعتقد أنه مطلع على أسرار اللجان التي تضع أسئلة الاختبارات بسرية تامة. وقد سقطا في الاختبار بمادة أو مادتين, فجنّ جنون الأبوين اللذين ذهبا إلى ذلك الموجه يطالبانه برد مادفعا له وباتهامه بأنه خانهما, وكما يبدو فالرجل كان حذراً من البداية ومستعداً لمقارعتهما بحجته بأنه أبلغهما بعدم رغبته وقدرته على عمل أي شيء لابنهما سوى السكوت عن الغش بالبراشيم وهما اللذان أصرا عليه بأخذ المبلغ ظناً منهما بأن أخذ الفلوس يعني خيانة الأمانة والعمل مثل ماعمل الآخرون في لجان عديدة فاز فيها أو بمساعدتها طلاب مهملون وسقط مجتهدون أو لم يحققوا معدلات مرتفعة, وبعد أن رأى ذلك الموجه أن الأمور ستتطور وأن الرجلين جادان في استعادة المبلغ بغض النظر عن انتشار الخبر بين الناس أعاد المبلغ. هذه الرواية سردها شخص يعرف الأبوين والولدين كما قلتُ, قائلاً بأن ابنه قد نجح بمعدل أقل من التسعين بالمائة بقليل بجهده الذاتي شاكراً الله أنه لم يدفع مالاً لا لأنه مقتنعاً بذلك بل لأنه لم يجد من يقبل القيام بما كان يريد وهو الغش المباشر أي السماح للطالب بفتح الكتاب والإجابة من خلاله على الأسئلة بالسطر والحرف والشرح والتفاصيل وكان مزهواً إلى درجة أثارت غضب صديقيه الخريجين على فشل ابنيهما في الاختبارات ولعلها الإعدادية وليست الثانوية. ومن هذه الرواية يتضح أكثر أن محاولات ضبط الاختبارات ومنع الغش والغشاشين والمغششين لن يكتب لها النجاح لأن الآباء والطلاب والمسؤولين أو الموظفين والمواطنين لاشيء يردعهم ولاضمير يقنعهم بجعل أبنائهم يعتمدون على أنفسهم بالمذاكرة من أول يوم دراسي ولايسمحون لهم بتضييع أوقاتهم في خارج البيوت مع أصحابهم ولايستغلون الوقت أو ينظمون أوقاتهم بحيث يخصصون مابعد اللهو والمرح للمذاكرة ولو لساعة في اليوم فقط بدلاً من السهر والقات قبل الامتحانات في كتابة البراشيم بخط لايكاد يقرأ إلا بالمجهر.