في توطئة لابد منها ليتضح المعنى فإن لله تعالى أهلاً ولنعلم الحقيقة تتلى قال تعالى ( وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) ( الجن :18) وقال تعالى(في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال) ( النور : 38) سميت المساجد بيوت الله للسب الذي ورد في الآيتين كونها مخصصة لعبادة الله تعالى ولا يصح فيها عمل غير ذلك وإضافة البيت لله تشريفية لأنه لا يعمل فيه عمل لسواه أي ما هو مطلق لله. وأهل الله يقال فيهم ما قيل في المساجد لأن الله قد أعدهم لخدمته فلا يعلون شيئاً في كل احوالهم إلا لله وحده وأهل الله هم أهل القرآن والذكر وكلمة ذِكر اصطلاحا تعني شيئا أوحي به من الله تعالى قال تعالى (وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) (الأنبياء:50) و قال تعالى( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) (الزخرف: 44) و قال عزوجل (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ) ( الشعراء :5) والقرآن هو الذكر وأي جزء من القرآن يكون ذكرا قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(الحجر: 9) وقال عزوجل (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ? إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ)(يس:69) إذن أهل الله هم: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات والحامدون الله كثيراً والحامدات والمستغفرون في الغدو والأصال والراكعون والراكعات والمسبحون الله كثيراً ... الخ ما يمكن ان نسميه ذكراً بدءاً بقراءة القرآن وتدبره ومروراً بذكر اللسان بمختلف أنواعه من التسبيح والحمد والشكر والثناء والاستغفار وانتهاء بذكر القلب والجوارح والذكر ليس مقصوراً على بني الإنسان ولله أهل كثيرون في هذه الدنيا ليس من الأنس فقط وإنما من الجن أيضاً قال تعالى (وَمَا وخلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) ( الذاريات : 56) فجل العبادات ذكر مهما صغر منها أو كبر قال تعالى (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوتُ السَّبْعُ وَالاْرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) (الإسراء :44) وقال تعالى (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ) (ص : 18) إذن فجميع الموجودات في العالم الأرض والسماء النجوم والفضاء، الأناس والحيوانات وأوراق الشجر والحجر وَحتى الذرات الصغيرة تشترك جميعاً في ذكر الله تسبيحاً وحمداً للخالق عز وجل. والنبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم هو أول أهل الله حيث أمِرَ بذكر الله قبل التشريع بسنوات عديدة فى قوله تعالى «يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هى أشد وطأ وأقوم قيلا إن لك فى النهار سبحا طويلا واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا ( المزمل: 1- 8) فظل يختلي بنفسه في غار حراء الليالى الطوال فماذا كان يفعل؟ إلا ذكر الله وهو أول من ينفذ كلام الله سبحانه وتعالى بمعنى أن الحبيب (ص) كان يذكر الله وبشدة وبعد ما شاء الله من الزمن كان الإسراء وفى الإسراء فرضت الصلاة وفي السنة الثانية الهجرية فرض الصوم، وتوالى بعد ذلك فرض باقي التشريع بأكمله فيكون النبي مأموراً بالذكر قبل التشريع وبعده . وأهل الله هم القوم الذين يسمون أهل طاعته وخدمته فإذا قال قائل لكن المسلمون كلهم يعبدون الله وكل الموجدات تعبد الله بطريقتها وهي ميسرة في عبادتها لما خلقت له وكيفما خلقت كما هو واضح لا لبس فيه فلماذا يٌختص البعض بهذه التسمية ( أهل الله) فنقول أنهم كما قال الله تعالى فيهم ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار * ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب) ( النور : 37و 38) أي لا يشغله عن الله شاغل في كل حركاتهم وسكناتهم ولا جرم أنهم أهل الله عليهم رضوان الله. وأهل الله هم أقوام تسعد الأرواح برؤيتهم والاستماع لهم أقوام هيأهم الله لإسعاد وإصلاح البشرية وإخراجها من الظلمات إلى النور فطوبى لمن حل بدارهم وتعرض لطيب حالهم ومقالهم وأهل الله أي أهل الاشتغال بالله لأنهم منشغلون دائما بذكر الله ثم إن كل من اشتغل بالله في ليله أو في نهاره وترقى في مراتب الذكر من ذكر لسان إلى ذكر قلب إلى ذكر روح يدخل في النسب الرفيع وهناك نسبان الأول النسب الجسدي المسمى بالنسب المؤبد والثاني نسب المحبة المسمى بالشرف الرفيع وقال فيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (سلمان منا آل البيت) فأهل الله يتكبدون مشاق العبادات وأنواع الذكر حتى يذوقوا حلاوتها فتصبح بها محبتهم للنبي الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ومحبتهم للنبي (ص) توصلهم لمحبتهم لربنا جل وعلا فمن باب (طه) صلى الله عليه واله وصحبه وسلم يدخلون وقال (ص) (واشوقي إلى إخوانى الذين يأتون من بعدي) فسأله الصحابة: أو لم نك نحن إخوانك يارسول الله؟ فقال (أما أنتم فأصحابي) وقال (طوبى لمن رآني وآمن بي ، ثم طوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن لم يرني وآمن بي) فهذا النسب اسمه (نسب المحبة) اللهم اجعلنا من أصحاب نسب المحبة فهو الشرف الرفيع وأهل الله اعتمدوا على أنهم يكونون دائما مشغولين بالله معتصمين بحبل الله دائما ذاكرين دائما منشغلين بالصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله صحبه وسلم دائما يتقربون إلى الله بالنوافل التي شرعها رسول الله ومن هذه العملية وهي الاشتغال بالله سموهم (أهل الله). رابط المقال على الفيس بوك