لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    اليمن: حرب أم حوار؟ " البيض" يضع خيارًا ثالثًا على الطاولة!    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    شبوة تتوحد: حلف أبناء القبائل يشرع برامج 2024    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    وفاة نجل محافظ لحج: حشود غفيرة تشيع جثمان شائع التركي    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    القصاص ينزل من سماء تعز: إعدام قاتل بعد تحقيق العدالة لأولياء الدم    بارتي يشعل الحماس في صفوف ارسنال قبل مواجهة توتنهام    24 أبريل.. نصر تاريخي جنوبي متجدد بالمآثر والبطولات    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    شكلوا لجنة دولية لجمع التبرعات    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الرياض.. أمين عام الإصلاح يستقبل العزاء في وفاة الشيخ الزنداني    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    كأس إيطاليا.. يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته من لاتسيو    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسائل الإمام الشهيد حسن البنا (السادسة والاربعون)
نشر في أخبار اليوم يوم 17 - 09 - 2012


المناجاة
( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ...)
مقدمة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد إمام المتقين ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين.. وبعد:
فلما كان من أوراد الإخوان المسلمين أن يجتمعوا ليلة في الأسبوع على تعارف وإخاء وذكر ودعاء ، أحببت أن أتقدم إليهم بهذه المذكرة الموجزة في فضل القيام والدعاء والاستغفار وما ينحو هذا المنحي.. وفى بعض أدعية مأثورة مختارة لعل فيها تذكرة بالآداب المسنونة وإرشادا إلى الكيفيات المطلوبة ، ولم أقصد بذلك الاستيعاب والحصر ، وإنما قصدت التذكير والتمثيل ، وما بين العبد ومولاه أدق من أن يحصر في كتاب ,والله أسأل لي لهم كمال الإخلاص وحسن الهداية والتوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فضل قيام الليل ووقت السحر
يا أخي: لعل أطيب أوقات المناجاة أن تخلو بربك والناس نيام والخليون هجع ، وقد سكن الكون كله وأرخى الليل سدوله وغابت نجومه ، فتستحضر قلبك وتتذكر ربك وتتمثل ضعفك وعظمة مولاك ، فتأنس بحضرته ويطمئن قلبك بذكره وتفرح بفضله ورحمته ، وتبكى من خشيته وتشعر بمراقبته ، وتلح في الدعاء وتجتهد في الاستغفار ، وتفضي بحوائجك لمن لا يعجزه شيء ، ولا يشغله شيء عن شيء ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، وتسأله لدنياك وآخرتك وجهادك ودعوتك وآمالك وأمانيك ووطنك وعشيرتك ونفسك وإخوتك ، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.
ولهذا يا أخي وردت الآيات الكثيرة والأحاديث المتواترة في فضل هذه الساعات وتزكية تلك الأوقات وندب الصالحين من العباد إلى أن يغتنموا منها ثواب الطاعات ، ولهذا يا أخي حرص السلف الصالحون على ألا يفوتهم هذا الفضل العظيم فهم في هذه الأوقات تائبون عابدون حامدون ذاكرون راكعون ساجدون يبتغون فضلا من الله ورضوانا ويزدادون يقينا وإيمانا ويسألون الله من فضله وهو أكرم مسئول وأفضل مأمول.
فمن الآيات القرآنية قوله تعالى:
(مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ , يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ , وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) (آل عمران:113-115) .
(لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ , الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ , الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) (آل عمران:15-17) .
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً , وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الإسراء:78-79) .
(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً , وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً) (الفرقان:63-64) .
(إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ, تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ , فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:15-17) .
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ) (الزمر:9) .
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ , آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ , كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ , وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الذريات:15-18) .
(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ , وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) (الطور:48-49) .
(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ , قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً , نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً , أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً , أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً , إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً , إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) (المزمل:1-6) .
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) (المزمل:20) .
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً , فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً , وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً , وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) (الإنسان:23-26) .
ومن الأحاديث الشريفة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له). رواه البخاري ومالك ومسلم والترمذي وغيرهم.
وفي رواية مسلم: (أن الله يمهل حتى إذا ذهب الثلث الأول من الليل نزل إلى سماء الدنيا فيقول أنا الملك فمن الذي يدعوني).
وعن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يقول: (أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد في جوف الليل، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن) رواه أبو داود والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن صحيح والحاكم على شرط مسلم.
عن أبي أمامة قال: قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟.. قال (جوف الليل الأخير ودبر الصلوات) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
عن بلال رضي الله عنه قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (عليكم بقيام الليل ، فإنه دأب الصالحين قبلكم , وقربة إلى الله تعالى , ومنهاة عن الإثم ، وتكفير للسيئات ، ومطردة للداء عن الجسد). أخرجه الترمذي.
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه فقيل له: قد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.. قال: (أفلا أكون عبدا شكورا). أخرجه الخمسة إلا أبا داود.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لا يدع قيام الليل ، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا). أخرجه أبو داود.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فقيل: ما زال نائما حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة، فقال: (ذلك رجل بال الشيطان في أذنه).أخرجه الشيخان والنسائي.
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل) , فكان يداوم بعده على قيام الليل .. قال نافع مولاه: (كان يصلي بالليل فيقول يا نافع أسحرنا؟ فأقول لا , ثم يقول يا نافع أسحرنا؟ فأقول نعم فيقعد ويستغفر الله تعالى حتى يطلع الفجر) .. أسحرنا: دخلنا في وقت السحر والظاهر أن ذلك بعد أن كبر وكف بصره رضي الله عنه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل). رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين) رواه ابو داود.
وله في رواية أخرى عن عبد الله بن حبيش قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال افضل؟ .. قال: (طول القيام).
وعن عائشة رضي الله عنها: (كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة ويركع بركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة ركعة).. أخرجه الستة وهذا لفظ مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين) أخرجه مسلم وأبو داود وزاد أبو داود: (ثم ليطول بعد ذلك ما شاء).
ومن المأثور عن السلف رضوان الله عليهم:
ما ورد عن ضرار الصدائي في وصف علي رضي الله عنه إذ يقول: يستوحش من الدنيا وزخرفها , ويأنس بالليل ووحشته , وأشهد لقد رأيته وقد أرخى الليل سدوله وغابت نجومه واقفا في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم , ويبكي بكاء الحزين , ويقول: (يا دنيا غرّي غيري , إليّ تعرضتّ , أم إليّ تشوّقت ، هيهات هيهات ، قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير ، وحسابك عسير ، وخطرك حقير ، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق).
وما روي أن عمر رضى الله عنه كان يمر بالآية من ورده بالليل فيتأثر بها ، ويحسب في المرضى . .
وأن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان إذا هدأت العيون ، قام فيسمع له بالقرآن دوي كدوي النحل... وكان ذلك دأب الصحابة جميعا رضوان الله عليهم . . . وسئل الحسن: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوها؟ قال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورا من نوره.
وقال الربيع: بتّ في منزل الشافعي رضي الله عنه ليالٍ كثيرة فلم يكن ينام من الليل إلا يسيرا وكان ذلك دأب الأئمة رضوان الله عليهم كذلك... وتلا مالك بن دينار في ورده قول الله تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) (الجاثية:21) ، فأخذ يرددها حتى أصبح... وقال المغيرة بن حبيب رافقت مالك بن دينار ليلة فقام إلى الصلاة فقبض على لحيته فخنقته العبرة فجعل يقول: اللهم حرّم شيبة مالك على النار ، إلهي قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار فأي الرجلين مالك وأي الدارين دار مالك؟ فلم يزل ذلك قوله حتى طلع الفجر.
ورئي الجنيد بعد موته فقيل له ما فعل الله بك يا أبا القاسم؟ فقال: (بليت الرسوم ، وغابت العلوم ، وانمحت العبارات ، وطاحت الإشارات وما نفعنا إلا ركيعات ، كنا نركعها في جوف الليل).
ومن وصايا لقمان لابنه: (يا بني.. لا يكونن الديك أكيس منك ، ينادى بالأسحار وأنت نائم).
ولقد كانوا رضوان الله عليهم يجدون في كثرة القيام وحلاوة المناجاة أنسا وراحة تنسيهم عناء الأجسام وتعب الأقدام... قال أبو سليمان الداراني رضي الله عنه: (أهل الليل في ليلهم أروح من أهل اللهو في لهوهم ولولا قيام الليل ما أحببت البقاء في الدنيا ، ولو عوض الله أهل الليل من ثواب أعمالهم ما يجدون من اللذة لكان ذلك أكثر من هذه الأعمال) .....
وقال بعضهم: (ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم الآخرة إلا ما يجده أهل القيام في قلوبهم من حلاوة المناجاة) ... وقال محمد بن المنكدر رضى الله عنه: (ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث: قيام الليل ولقاء الإخوان والصلاة في الجماعة)... وقال بعض الصالحين: (منذ أربعين سنة ما أحزنني شيء إلا طلوع الفجر)... وقال بعضهم: (إن الله تعالى ينظر بالأسحار إلى قلوب المتيقظين فيملؤها نورا فترد الفوائد على قلوبهم ثم تنتشر منها إلى قلوب الغافلين).
ومن وصف عليّ كرم الله وجهه للمتقين: (أما الليل فصافون أقدامهم تالون لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا ، يحزنون به أنفسهم ويستثيرون دواء دائهم ، إذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت نفوسهم إليها شوقاً وظنوا أنها نصب أعينهم ، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم فهم حانون على أوساطهم مفترشون لجباههم وأكفهم وأطراف أقدامهم لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون).
قال ابن الحاج في المدخل: (وفى قيام الليل من الفوائد جملة:-
فمنها أنه يحط الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق اليابس من الشجرة .. ومنها أنه ينور القلب.. ومنها أنه يحسن الوجه.. ومنها أنه يذهب الكسل وينشط البدن.. ومنها أن موضعه تراه الملائكة من السماء يتراءى مثل الكوكب الدري لأهل الأرض ، ونفحة من نفحات القيام من الليل تعود على صاحبها بالبركات والأنوار والتحف التي يعجز عنها الوصف , قال صلى الله عليه وسلم "إن لله نفحات فتعرضوا لنفحات الله").
كذلك كانوا - أيها الأخ - فاسلك سبيلهم وانهج نهجهم أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ، ولا تجعل قيامك قاصرا على ليلة الاجتماع بإخوانك بل عمّمه في جميع لياليك ما استطعت ، فإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل , واعلم أنه مما يعينك على قيام الليل ، إخلاص النية واستحضار العزيمة وتجديد التوبة والبعد بالنهار عن المعصية والتبكير بالنوم والقيلولة إن استطعت , واستعن الله يعنك وتقرب إليه يقربك واسأله من فضله يعطك.
فضل الدعاء والاستغفار
قد وردت الآيات والأحاديث بفضل الاستغفار والدعاء ونحن نذكرك بطرف من ذلك:
فأما الآيات الكريمة فمنها قول الله تعالى:
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186) .
(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ , أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (آل عمران:135-136) .
(وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (النساء:32) .
(وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:110).
(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ , وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (لأعراف:55-56) .
(وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (لأنفال:33) .
(فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ , رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ) (غافر:14-15).
(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) .
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) (محمد:19) .
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً , يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً , وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (نوح:12) .
(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) (النصر:3) .
ومن الأحاديث الشريفة:
عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة ، وما سئل الله تعالى شيئا أحب إليه من أن يسأل العافية ، وإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، ولا يرد القضاء إلا الدعاء , فعليكم عباد الله بالدعاء). رواه الترمذي.
وعن عبادة بن الصامت رَضِي اللهُ عَنهُ قال: قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: (ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم) رواه الترمذي.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الدعاء هو العبادة ثم قرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ..} ) أخرجه أبو داود.
وعن أنس رَضِي اللهُ عَنهُ قال: قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: (ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأل شسع نعله إذا نقطع ) أخرجه الترمذي.
وفي رواية عن ثابت البناني مرسلا: (حتى يسأله الملح و شسع نعله إذا نقطع).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يسأل الله يغضب عليه) واه الترمذي.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سلوا الله تعالى من فضله فإن الله يحب أن يُسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج). رواه الترمذي.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل) أخرج مسلم و أبو داود وزاد (إلا قالت الملائكة آمين ولك بمثل).
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة) أخرجه أبو داود والترمذي.
عن آخر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه ليغان عل قلبي حتى استغفر الله في اليوم مائة مرة) أخرجه مسلم وأبو داود.
وفي رواية لمسلم: (توبوا إلى ربكم فوالله إني لأتوب في اليوم مائة مرة).
وللبخاري والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء فإن هو جزع واستغفر وتاب صقل قلبه ، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه، وهو الران الذي ذكر الله تعالى: (كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}) أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح والنسائي وغيرهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.