اليمن جزء أصيل من الجزيرة العربية التي هي مهد العروبة والإسلام، وتكاد تكون أصول معظم السكان في كل دول الوطن العربي من اليمن، وقد قال الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله من لم تكن أصوله من اليمن فمشكوك في عروبته، واليمن اليوم يعاني آلاماً وجراحات مازالت مفتوحة لم تضمّد بعد، في كل المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية، وواجب الأخُوّة والجوار من قبل دول الجزيرة والخليج ألا تبقى متفجرجة وكأنّ الأمر لا يعنيها. إن هذه الدول وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية مشكورة قد قامت بدور كبير سيسجله التاريخ لها، وهو تجنيب اليمن الحرب الأهلية؛ وذلك بتبنّي المبادرة الخليجية التي وقّع عليها طرفا الصراع في اليمن، ورغم تحفظ شباب الثورة عليها كونها لم تحقق لهم كل الأهداف التي خرجوا من أجلها، إلا أنها تظل مبادرة لها قيمتها العظيمة كونها صانت الدماء اليمنية وأنهت فتنة ربما كانت ستعصف بالجميع وتأكل الأخضر واليابس، ولكن هذه المبادرة مازالت بحاجة إلى الرعاية والدعم غير المحدود حتى تصل إلى منتهاها كاملة غير منقوصة، ولا يمكن أن نصل بها إلى المنتهى وتحقق النجاح الكامل ما لم نهتم بالجراحات التي تعانيها البلاد والتي ذكرناها آنفاً ونعمل على علاجها وفي مقدمة كل هذه الجراحات الأزمة الاقتصادية التي هي أساس كل الجراحات الأخرى، ولن نستطيع نحن اليمنيون علاج ذلك إلا بمساعدة جادة جداً وصادقة جداً من قبل أشقائنا، وأول الجدية دفع ما تعهدت به هذه الدول من مبالغ بصورة عاجلة، مع الضغط على المعارضين للتسوية والذين يتخذون من هذه الدول انطلاقة لتحركاتهم المعادية للوطن وأمنه ووحدته، ويكون لهذه الدول مواقف صارمة تجاه هذه العناصر، كما فعلت سلطنة عمان مع الصريمة وقبله مع علي سالم البيض الذي أقام في السلطنة أكثر من خمسة عشر عاماً ولم تسمح له بممارسة أي عمل سياسي من على أراضيها؛ مستشعرة حق الأخوّة والجوار، وهذا الموقف يقدّره للسلطنة كل أبناء الوطن الشرفاء، كما أن الوضع الذي تعيشه اليمن يجعل من حق أبناء اليمن المغتربين الذين يعيشون في هذه الدول أن يحظوا بالرعاية والعناية والخصوصية، وتسهيل العوائق التي تضايقهم، وعندما نقول إن لهم حقاً على هذه الدول فلا نعني أنه حق قانوني ولكنه حق أخلاقي بحق القربى والدين والجوار، ورحم الله جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز الذي راعى كل هذه الحقوق رغم الخلافات التي كانت تحدث بين النظامين آنذاك، وكانت قمة رعايته للمغتربين اليمنيين أثناء الخلاف مع النظام اليمني في تلك الفترة قناعة راسخة منه أن الأنظمة شيء والمواطنين شيء آخر، ولذلك لا يوجد أي يمني يُذكرعنده الملك فيصل إلا وترحّم عليه وفاءً وعرفاناً لمواقفه النبيلة، وفي هذا الشهر الكريم وبلسان كل يمني أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويجزيه عنّا خيراً. إن ما ذكرته من دور نتمنّى أن تضطلع به هذه الدول شعوراً مني أننا نحن وإياهم جميعاً كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، ويقيني أن أية إصابة تصيب اليمن لن تكون هذه الدول في منجاة منها، فسلامة اليمن سلامة للجميع، وإصابتها إصابة للجميع، فكلنا على سفينة واحدة هي الجزيرة العربية في براريها وأجوائها وبحارها، فهل سنرى السخاء الذي هلَّ على مصر الحبيبة وهي تستحق ذلك سيهلُّ على اليمن في ظل القيادة الحكيمة للأخ الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يبذل جهوداً جبارة ومضنية لإنقاذ الوطن ومعه كل اليمنيين الشرفاء، دون الانتظار إلى انقلاب أو فتنة؟!. كلنا ثقة أن الإخوة الأشقاء في دول الجوار لن يقصّروا في ذلك، وكما بدأوا بالمكارم وتبنّوا هذه المبادرة الطيبة سيختمونها ختام مسك، مستشعرين قول الحق سبحانه: «الأقربون أولى بالمعروف». حفظ الله وطننا ودول جوارنا وكل وطننا العربي من كل سوء ومكروه. وكل عام.. والأمتان العربية والإسلامية بألف خير. رابط المقال على الفيس بوك