سمعنا منذ أيام عن اعتصام جنود وعسكر كانوا في انتظار الشهر المبارك والذي يُصرف فيه لهم سنوياً إكرامية راتب شهر؛ غير أن هذا العام لم يتم صرف تلك الإكرامية ما حدا بالجنود الاعتصام والاحتجاج وكان العذر والذريعة للحكومة كالعادة أن لا مبالغ مرصودة لتلك الإكرامية في ميزانية الدولة، وكانت تصريحات المالية لا تختلف عن ذلك، فلا ميزانية تحتمل حلم الجندي والموظف البسيط. جرحى الثورة (شهداؤنا الذين لم يموتوا بعد) مازالوا في انتظار الموت إهمالاً ولا مبالاة، هم أيضاً ليس في الميزانية ما يغطي تكاليف علاجهم وسفر الحالات الحرجة والمهملة منهم للخارج، وهانحن لانزال نودعهم شهراً تلو الآخر جريحاً يتلوه جريح وآخرهم كان جريح مسيرة الحياة الثانية عبدالرحمن الكمالي رحمة الله عليه. غير أن أكثر الأمور لا إنسانية ولا رحمة في حق جرحى الثورة هو ما آل إليه حال جرحانا المبتعثين إلى الهند للعلاج والذين وصلتنا آخر اخبار عنهم انهم وبفضل الحكومة الخالة انتقلوا من ارصفة رئاسة الوزراء إلى أرصفة بومباي، فالهنود ضاقوا ذرعاً وطردوا جرحانا من فندق الإقامة ومن المشافي أيضاً بسبب عدم قيام الحكومة اليمنية بدفع نفقات علاجهم وإقامتهم هناك، فبالله عليكم هل هذا تصرّف حكومة ودولة تحترم رعاياها ومواطنيها؛ بل هل هذا تصرف يليق بدولة وحكومة تكن لنفسها شيئاً من احترام؟!. الغريب في الأمر أن الميزانية لا يحصل لديها عجز إلا حين يتعلق الأمر بالمواطن البسيط وبضروريات الحياة، وأشدد هنا على كلمة «ضروريات الحياة كالماء والكهرباء» فلا مجال للحلم بالكماليات في هذا البلد. أما حين يتعلق الأمر بصرفيات معالي وزراء الحكومة، فالميزانية ولله الحمد تعود شابة؛ فلا عجز فيها ولا تقشف، ولو أمعنا النظر في قرارات الحكومة التقشفية بشأن الميزانية لوجدناها لا تستهدف إلا المواطن المسكين صاحب (الظهر العريض) ومنها مثلاً منع إكرامية الأفراد والجنود المقدرة ب (40 ألف ريال يمني) أو تقل، والتي وللأسف ما هي إلا بمثابة مصروف جيب يومي لأصغر أصغر محظوظ نالته بركة جوار وزير من وزرائنا الكرام. نحن وحتى اليوم وعلى عجز الميزانية الدائم في هذا البلد لم نسمع أنه وبسبب ذلك العجز قد تم منع صرف أو لنقل تقليص بعض النفقات الكمالية لبعض الوزراء إلى النصف أو لأقل من ذلك أو لنقل إلى حد عدم البذخ والإسراف. لنقل مثلاً ماذا لو أنه تم إصدار بعض من الإجراءات التقشفية بشأن صرفيات الوزراء وتحديداً بند الكماليات كالسفر وغيره أو لنقل مثلاً إيقاف صرف بدل سيارة (خامسة) لوزير ما, أو لنقل مثلاً انه و بسبب العجز أيضاً سيتم إيقاف صرف بدل علاج وزير للمرة (الثالثة) وفي أقل من شهر؟!. لماذا لا نسمع عن تقليل تلك النفقات من أجل إعادة تعمير ما خلفته آلة الحرب والدمار في بعض الأحياء السكنية في الحصبة والروضة وصوفان, مثلاً أو ان تنفق صرفيات الترف تلك في إنشاء محطة كهرباء عائمة جديدة تكون بديلة عن محطة (معضلة) مأرب, أو ان يتم البدء بجدية في مشروع تحلية مياه المخا وحل مشكلة مياه مدينة تعز, أو دعم الدراسات لإيجاد حلول للجفاف المهددة به العاصمة؟!. حقيقة هناك الكثير والكثير من الضروريات والهموم التى أنهكت المواطن البسيط في هذا البلد والتي من الممكن للحكومة الخالة أن تقلص فيها نفقات ميزانيتها لصالح تلك الهموم والمشاكل؛ لا أن تأتي على ظهر المواطن البسيط لتقسمه أكثر فأكثر بإجراءاتها العاجزة!!. رابط المقال على الفيس بوك