شاهدت لقطة تلفزيونية مطولة عن العادات الرمضانية في اليمن من قناة تركية باللغة العربية، وركز المصور على بعض الحلويات التي تشتهر بها صنعاء، وعصائر أو شراب الزبيب والبرقوق لعدة دقائق، ولم يظهر البائع بل وجه المكرفون والكاميرا إلى أكثر من شخص يشرحون تفاصيل صناعتها ويذكرون أسماءها، ومن أنها موجودة طيلة أيام السنة، إلا أنه في رمضان تكثر كمياتها، ويتعدد صانعوها، كما يقبل عليها معظم الناس القادرين على الشراء. ما لفت انتباه المصور هي تلك القمامة من الذباب الحائمة فوقها - أي فوق الحلويات - وتلك التي تجثم عليها ولا يهشها أو ينشها البائع ولا حتى المشتري، فشككت من تركيز المصور لأكثر من عشر دقائق في ظل عدم إدراك المارة أو الزبائن لهدفه من هذه اللمحة المسيئة إلينا، والتي قد لا ينتبه إليها بعض المشاهدين والحاضرين أثناء التصوير، وكان الأمر طبيعي لدى المشاهدين خارج اليمن وخاصة في تركيا. الحديث المنسوب لنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) قرن النظافة بالإيمان، ويردده الكثيرون، ويكتب في لوحات صغيرة وعلى براميل القمامة وفي الجدران المطلة عليها بتمويل الأجهزة المعنية كالصحة والبلديات ومن المجالس المحلية وأيضاً على سيارات القمامة التي تجمعها وتنقلها إلى مكبات في أطراف المدن والتي أصبحت في داخلها نظراً للتمدد العمراني الهائل والسريع والعشوائي، رغم ما يقال عن وجود خرائط للبناء تسمى وحدات جوار لا تمنح رخص البناء لأي شخص يطلبها إلا بعد الحصول على صورة منها، ووضع إشارة على أرضيته أو مكان مشروعه الاستثماري وفق ما هو معمول به في أية دولة من دول العالم؛ إذ إن هذا النظام يمنع من يحاول البناء في أي مكان شاء، ويمنع البائع من التصرف إلا بموجبه، لكنه في اليمن يقوم الجميع بالمخالفات، وتحدث مشاكل لا أول لها ولا آخر، خاصة في الفترة الأخيرة، ويسقط فيها قتلى وجرحى أو نهب وغصب، وتطول القضايا في أجهزة القضاء والأمن؛ إرضاءً لطرف على حساب الطرف الآخر. وكانت النظافة غائبة بحكم الواقع، غائبة عن الاهتمام، فلا المواطن التزم بها اقتداءً برسول الله والمسلمين الأوائل، حيث نجد القمامات مكدسة خارج البراميل أو الحاويات المخصصة في الحارات، كل الحارات، وعدم إرشاد أطفالهم الذين يكلفونهم بأخذها من المنازل إلى مواقعها وأوعيتها المخصصة وعدم وضعها أو سكبها خارج البراميل، ونجد أغلب الأطفال قصيري القامة لا يستطيعون رميها إلى داخل البراميل، ثم تأتي الكلاب والقطط فتبعثرها، ويأتي بعض الناس لجمع العبوات الحديدية والبلاستيكية لبيعها على أصحاب معامل التدوير فيبعثرون تلك القمامات فتفوح الروائح الكريهة منها لمسافة بعيدة إذا تأخر عمال النظافة عن رفعها في أوقاتها، ولم يلتزم إلا القليل من الناس بتعبئتها في أكياسها وإغلاقها، كما كانت محافظة تعز قد طلبت من الجميع التقيد بذلك قبل عدة أسابيع. وعلى العموم فعدم المتابعة في تنفيذ التوجيهات والإرشادات وإعراض خطباء المساجد ومسؤولي المدارس عن التوعية في أيام الجمعة وسائر الأيام يعكس عدم الاهتمام بالنظافة كواجب ديني وصحي وحضاري، وليتكلم علينا الآخرون كما يشاؤون.