عندما يكون هناك أزمة ضمير وتجرد تام من القيم الإنسانية والأخلاقية، وعندما يكون هناك تناقض ظاهر بين القول والفعل والكيل بمكيالين، عندما يكون هناك عدسات وكاميرات وشاشات وأقلام تنقل مفاهيم خاطئة تصل إلى الرأي العام بأسلوب مختلف تماماً عن ماهو في الواقع كاستخدام أساليب التضليل والتلميع والتمويه وذلك بهدف منافع ومكاسب مادية أو معنوية، حينها لابد من الوقوف للتأمل والتفكر بإنصاف تجاه هؤلاء الأطراف الذين يشاركون بضمائرهم وبعدسات كاميراتهم وبأقلامهم المزيفة في صنع القرار السياسي. يواجه للأسف بلدنا اليوم مستنقعاً من الأخطاء الهزيلة، أحد هذه الأخطاء الإعلام المسموع والصحافة الصفراء كما يطلق عليها البعض والتي انتشرت في الآونة الأخيرة، فالإعلام هو العمود الفقري للديمقراطية، والصحافة هي جسر العمل الإعلامي، فلا نستطيع التخلي عن احدهما كون العمل الإعلامي لا يكتمل إلا في صحافة حرة نزيهة والصحافة الحرة النزيهة لا تكتمل نجاحها إلا في عمل إعلامي قائم على مبدأ الشفافية والمصداقية والدقة والتحري وعدم الانحياز. لقد ظهرت في الآونة الأخيرة صحف جديدة تدعي المصداقية والشفافية على الساحة، وقد انبهرنا انبهاراً شديداً لما رأيناه من قنوات جديدة تحمل عدسات وكاميرات لتنقل موضوعات وأحداثاً متعددة مليئة بالسموم باستخدام أساليب المراوغة والخداع والتضليل وغيره. فما تمارسه هذه القنوات الفضائية وهذه الصحف الإخبارية من تضليل للرأي العام وتلميع بعض الشخصيات بعبارات مزيفة دون تحفظ أو خوف من الجهات المختصة، ومن محاولات لعدم تقديم الحدث مع الوجهة الصحيحة ومن إثارة البلبلة وإقلاق السكينة العامة بتصريحاتهم المغلوطة في البرامج التلفزيونية سيخلق حينها عند المواطنين تركيبة من الخلط لبعض المفاهيم ومما يعد خطراً قومياً يهدد أمن وسلامة واستقرار البلد. فهذه المحاولات المسمومة القائمة على التضليل لا تكون في حقيقة الأمر لمصالح أو نفوذ أجنبية، وما تقوم به هذه القنوات والصحف من تفسيرات لبعض القضايا والمشاكل والخطابات من وجهة نظر بعض الشخصيات القديمة كفرويد ودروكايم فهي كمثابة الدعوة المسمومة للتطرف والعنف والخروج عن القانون، فأنتم لستم بأطباء وفلاسفة، وإنما ناقلون للخبر وتحملون رسالة خالدة في تنوير وتثقيف المجتمع ولستم أداة لتلميع الآخرين وتكبيرهم وتشهيرهم تحت عدسات الكاميرا وشاشات التلفزيون والصحف وغيره. هذه القنوات وهذه الوسائل اللامرئية تعتبر عاملاً رئيسياً في التوجيه والنصح والإرشاد فلا يجب أن يتم استغلالها للوصول إلى مقاصد وأهداف دنيئة تشوه أخلاقيات الحقل الإعلامي والصحفي، فلذلك يجب علينا أن نحافظ عليها من هذه السموم القاتلة لكي لا تسقط وتنحرف انحرافاً شديداً، ولكي لا تنهزم أيضاً القيم والمبادئ، ولكي أيضاً لا تختلط بعض المفاهيم. فنتمنى أن نرى إعلاماً وصحافة نزيهة صادقة وواضحة في نقل الصورة المتكاملة للحدث، ونتمنى أيضاً أن نرى الإعلام والصحافة مجردة من الحزبية ومن القيود الفكرية، ونتمنى أن تصل هذه الرسالة للجميع وهي “إن الإعلام والصحافة عامل نصح وإرشاد لا عامل هدم وتنكيل” ويجب على الدولة أن تعي مدى خطورة مثل هذه الأعمال ومدى تأثيرها على المواطنين وعلى الأمن الداخلي للبلد، ويجب أن تسعى لوضع الحلول والقيود لمثل هذه الأخطاء للحد منها أولاً ومن ثم للقضاء عليها. رابط المقال على الفيس بوك