أن هناك ثوابت أخلاقية ومهنية يجب أن تحكم الممارسات الصحفية وأن حرية التعبير لها هدف هو النهوض بالمجتمع بطرح الآراء المختلفة في القضايا الحيوية ومراقبة ونقد الأداء الحكومي والإسهام في ترسيخ قيم الديمقراطية, والعدالة, والمساواة, ويجب ألاَّ تكون حرية الصحافة وسيلة لإثارة الفتن وتلطيخ الأبرياء بشبهات وشائعات بغير سند أو دليل, وانتهاك القيم الأخلاقية للمجتمع أن مناخ الحرية الذي كان له نتائج ايجابية وبناءة, كما كانت له نتائج سلبية وآثار جانبية تمثلت في صحافة تحاول جذب القراء بالتوسع في نشر الفضائح والجرائم الجنسية وأخبار عن حالات الشذوذ, وتحرص على الاستعانة بالعناوين المضللة والشائعات في صحافة المعارضة اليوم تجد التشاؤم واللون الأسود شعارها، مما أدى إلى بث روح الانهزامية. وهكذا فهي صحافة تفتقر إلى المصداقية، والدقة، وتميل إلى التهويش والتهويل والمبالغة، وتعتمد على الإشاعات أو الأخبار الكاذبة أو المحرفة أو المصنوعة ! وهذا يفقدها ثقة القارئ بها، ويجعلها أوراقاً صفراء، لا يطمئن لها احد أولاً ولا يكترث بما فيها احد. وقد يكون هذا الوصف عاماً أو مطابقاً لأكثر ما تحمله مثل تلك: الصحف والأوراق، لا كله . يجب أن تكون الصحف تعبر عن آراء المجتمع وتدافع عن حقوقه وعن الوطن بحدوده وانتماءاته وتدعم سياسته الخارجية وتحافظ على سمعته واجتذاب الاستثمارات الخارجية والسياحية وتكون لها صفة الشعبية تعني مدى اقتراب هذه الصحف من الشعب أو من عامة الناس .. وقدرتها على مخاطبتهم بألسنتهم ولغاتهم وحسب مستوياتهم وإفهامهم .. وهو قد يذهب إلى ملاحظة الأسلوب واللغة والتعبير أو المضمون، مثلما يذهب إلى حجم الصحيفة وطريقة ترقيبها وإخراجها . وتلك مسألة أخرى لا تتصل بالذم أو الإساءة بل صفة ايجابية ، وعلى صحافة المعارضة ألاَّ تكون صحافة صفراء وهذا ينطبق على نوع من الصحافة في بلادنا هذه الأيام، خصوصاً تلك الصحف التي تحطب في ليل، أو تشكل لسان حال مؤامرات تحاك تحت جنح الظلام.. وتوزعه وتبثه من أكاذيب وسموم تهدم ولا تبني .. وتفرق وتمزق لا تجمع ولا توحد وأمثلتها كثيرة، وهي واضحة للعيان ولا تخفى على احد وخصوصاً على النبهاء والأذكياء، من القراء، والمتابعين الذين لا يختلط عليهم اللون الأبيض باللون الأسود !! ولا الأصفر بالأخضر !! ولا النقي بالمغشوش ! وأصبح الهم اليومي لأكثر الصحف بنشر صور منافية للأخلاق وتفاصيل الجرائم والفضائح الجنسية والقتل .. أن استمرار هذه الظاهرة في تلك الصحف والمجلات القومية والحزبية سوف يؤدي إلى تقويض الدور الاجتماعي للصحافة ..أين دور الصحافة في الوحدة والتماسك في التعليم وتربية الأجيال؟؟ أين دور الصحافة في الثقافة وتنوير المجتمع وفي الصحة والوقاية من الأمراض ونبذ العنف وقول كلمة الحق والدفاع عن الثوابت الوطنية وحب الانتماء للوطن والدفاع عن منجزاته ومكاسبه ورفع معنويات أبناء الوطن وقواته المسلحة والشرطة والأمن وكل جندي يحمي هذه الأرض الطيبة؟. يجب الابتعاد عن الأنانية وحب الظهور وعدم الاهتمام بالصالح العام ومصلحة المجتمع ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، نأخذ الصحافة التي هي الأخرى ابتليت على مر التاريخ بفئات من الناس تسخر قلمها لخدمة من يدفع أكثر ، وتتكيف وتتماشى مع ما يمليه عليها المنتفعون منها ، وتسطر ما يرغبون فيه للترويج لهم ، ولتضليل الشعب والرأي العام في أي بلد كان ، ويتم نشر كل ما تتقيأه تلك الأقلام المأجورة في صحافة يبحث أصحابها عن الجاه والثراء والانتشار السريع ، وهذه الصحف تعرف ، بالصحافة الصفراء . ففي عصرنا هذا والذي تطورت فيه وسائل الإعلام بكافة أشكالها ، سواء كانت مسموعة أو مقروءة أو مرئية ، وأصبحت في متناول يد الجميع وتصل إلى الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم ، بعيداً عن مقص الرقيب والحسيب ، وتتجاوز الحدود والسدود في ثوان معدودات ، لا تزال هناك العشرات بل المئات من تلك النوعيات التي تتعيش على قلمها – تمارس نفس الأساليب القديمة البالية - وتكون أداة طيعة في يد الآخرين تنفد رغباتهم وتنصاع لأوامرهم وطلباتهم ، وهناك أصحاب أقلام تتعيش من وراء الفتنة وترويج الشائعات وخلق البلبلة ، والتصيد في الماء العكر ، وتضخيم الأحداث العابرة وتهويل القضايا الصغيرة ليكون لأصحابها مكانة بارزة بين مروجي الفتن ، ومثيري النعرات الطائفية والقبلية والمذهبية والعرقية ، وتحقيق أحلامها بالحصول على المكسب المادي الرخيص والشهرة المزيفة المؤقتة، وهناك فئات ، اتخذت من قلمها طريقاً للدعاية والإعلان ، فهي تسبغ الحمد والثناء ، وتكيل المديح والإطراء على أفراد معينين أو جهات رسمية معينة إلى درجة تصل – إلى تأليه الفرد – لعلها تحصل على مبتغاها ، وتحصد من العطايا والهبات ما يشبع طمعها وهناك فئات قد تكون مدسوسة ، همها الأول والأخير هو النيل من الآخرين ، وكل من يخالف أهواءهم وطباعهم ، فيكيلون التهم والاتهامات لهم بدون وجه حق ، ويستخدمون أسلوب الشتم والقذف ، وتزوير وتشويه الحقائق ، والترويج لتكفير الآخرين وإباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم ، والتعرض لعاداتهم ومعتقداتهم ، والتهجم عليهم بدرجة ملؤها الحقد والكراهية ، وهذه الفئة اشتغلت وانشغلت في الهجوم والتهجم والنقد والانتقاد ولم يدر في خلدها إن ما تقوم به يغضب الله و يجلب سخطه ، وتكون عرضة للكراهية والاحتقار ، لما تقوم به من أعمال مخلة تخالف الشريعة والدين وكل القوانين الشرعية والوضعية . الحرية هي القدرة على المواجهة وليس الجبن، صحيح «أن حق البحث والحصول ونقل المعلومات والأفكار بواسطة أية وسيلة إعلامية مدرج في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان». ولكن من المهم أيضاً معرفة أن البحث عن الحقيقة لا يبدأ من أفكار أو آراء مسبقة، ولا من أحكام شخصية تم تكوينها بالفعل بناء على افتراضات وهمية. الأخبار التي يحصل عليها الصحفي من مصادر خاصة لا يجب نشرها أو إذاعتها إلا بعد التأكد من قيمتها الإخبارية . ومحررو هذه الصحف لا يبالون بقيم المجتمع ولا بعاداته ولا بتقاليده.. كل ما هو تحقيق الربح حتى و لو كان المقابل هدم قيم المجتمع والترويج للفواحش بصورة علنية.أين نقابة الصحفيين من هذه الصحف؟ ألا توجد مواثيق شرف للعمل الصحفي؟ ألا توجد ضوابطاً وقيماً تحكم النشر؟! لماذا تسمح النقابة بانتشار هذه الصحف الصفراء في بلادنا؟! إننا نريد صحافة جادة وموضوعية. نريد صحافة محترمة نزيهة تحارب الفساد ولا تنشر الرذيلة.. نريد صحافة تقدم لنا الأخبار بحياد تام دون تهوين مخل أو تهويل مزعج.. نريد صحافة تحترم القارئ تخاطب عقله لا شهواته.. تثير فكره لا رغباته ونزواته.. نريد صحافة تنوير لا تشهير.