بعد نجاج انعقاد مؤتمر اليسار الأول والذي تبنت فكرته المنظمة اليمنية للشباب التقدمي التي ترأسها الناشطة المعروفة والأديبة بشرى المقطري, وقد جاء مؤتمر كهذا ليعيد ترتيب الأوراق ونقد وتقييم التجربة وإن بنسب التطرق لنقد اخفاقات ضئيلة قد لا تحسب إذا ما قيست بحال من التواكل والتعويلات في فترات طويلة وعقود مضت، كما بقي الهم لدى اليساريين يعتمد غالباً على عكاز الأحلام والطموحات, غير أن ما آلت إليه مخرجات مؤتمر اليسار الذي عقد في صنعاء واختتم أعماله الخميس قد استنهض القوى المدنية والمنتمين إلى اليسار كهوية أوسع من مجرد أيديولوجيا أو مجرد «إشتراكية» ليمد خياراته في الشراكة المباشرة مع المجتمع فيما سيأتي. يرى مراقبون لتحولات اليسار أن الأخير لم يعد ذلك الذي كما بقي كصورة نمطية طالما كرسها مشعوذون بقيم شتى متدنية ومتبضعة باسم الدين في حين كل ما كان يهمهم في تشددهم هو استخدام وعي القطيع في الحشد وتوهم السيطرة, فيما غايتهم ظلت ولاتزال تبقي على رفع رصيد الشيخ فلان أو زعطان أو جنرالات آخرين في الجهة الحليفة لهم من قوى وشباب مفرخون بمال «سيد النفط الإقليمي» أو المتفيد للثروة, وفي الوقت الذي لاتزال فيه ذهنية القطيع تحتشد في الصالات المغلقة ضد المشروع الوطني وبناء الدولة كما بقيت على ديدنها منذ عقود من التحالفات الأيديولوجية لتقوية اقتصاد الباءة والطفيليات, ينهض اليسار من جديد ليقول «أنا موجود، موجود، موجود». تميزت توصيات مؤتمر اليسار اليمني وبيانه الختامي بحداثة الرؤى وجدية وحداثة الفكر، وصنعت تفاؤلاً يعيد الأمل لدى كثيرين وبخاصة عبر فكرة تبنّي طموح إطلاق قناة تلفزة كتعبير عن المشروع المدني والوطني الذي طالما حلم به اليساريون من أجل العدالة الاجتماعية, إذ يستطيع اليسار بأفق جديد أن يشكيل وعياً لدى المواطنين بشأن ما يتعلق بالعدالة الاجتماعية ومضامينها والتي “تعني كنظام اجتماعي فصل الدولة عن السلطة التنفيذية” لاستقرار مبدأ المواطنة, وهناك خيارات الآن لدى بعض من تطوعوا للفكرة إعداداً وتذليلاً لها بتنسيقات وتشبيك متعدد الشراكة من أجل سرعة الإعداد لها برؤية مكتملة الشروط وخيارات قد توضع للاكتتاب والأسهم لكل من يرغب من الجهات أو الأفراد وأصحاب المال والأعمال من البرجوازية الوطنية والقطاعات المدنية الناشطة من شركاء اليسار وتحالفاته. ثمة ما يشير اليوم إلى أن الوعي الاجتماعي في اليمن هو الأحوج إلى خيار تبني العدالة الاجتماعية, ومن ثم أيضاً بإمكان تبني قناة تلفزيونية أن يخدم ذلك التوجه المدني والوطني نحو تشكيل وعي الناس بهذا الخصوص وبما يخدم جانب حصول الناس المسحوقين منهم بخاصة من غالبية المجتمع على حقوقهم الطبيعية. بعض من تطوعوا للفكرة يستعدون لسرعة الإعداد تذليلاً لها بتنسيقات وتشبيك متعدد الشراكة من أجل بسط الفكرة هذه في طريق تحريك أفق الإعداد لها برؤية وخيارات للاكتتاب والأسهم لدى كل من يرغب من الجهات أو الأفراد وأصحاب المال والأعمال من البرجوازية الوطنية والقطاعات المدنية الناشطة كشركاء لليسار. وبالتالي سيمكن أن توضع لهذه القناة رؤية وإطار مؤسسي يضعها على الحياد من أي تأثيرات كثيراً ما يتحكم بها غالباً الممولون, لذلك يحاول من يتصدون لإنجاح الفكرة التي رحب الكثيرون بها في أوساط متفاعلة داخل منظومات وقوى عدة في اليسار والقوى المنسجمة معه نحو استقلالية معايير وخط القناة بعيداً عن أي مؤثرات. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك