كان الناس في القرية عندما يجدون مجموعة أطفال من دون أب، ويتصرّفون كما يشاؤون بعشوائية من دون إحساس بالمسؤولية؛ يصفونهم بالمثل: «غنم بلا راعي» وذلك للإيحاء بدلالة سلبية تدل على انعدام التخطيط، وعدم وجود كبير للعائلة. الآن يا ترى علام سنطلق هذا المثل، على أي وزارة، على أي قطاع، على أية مؤسسة، هل على اٍلتعليم، أم الأمن، أم الكهرباء، أم المياه، أم الصحة...إلخ..؟!، لم يعد هناك راعٍ، أصبحت كلها «سلتة» كل الوزارت أصبحت متشابهة، وكلما نأتي ننتقد وضعاً معيناً، نسمع كثيراً من رجالات الدولة يقولون: «نحن الآن بلا دولة»إذن، ماذا أقول أنا، وماذا يقول صاحب البسطة، وماذا يقول عامل النظافة، ، وماذا تقول ربة البيت..؟!. إن كانت المعايير قد انهارت في قيم التعامل الإنساني، وتغوّل الفساد في كل مؤسسة، وأُصيب مجموعة من الأشخاص بالتخمة المادية، وافتقر السواد الأعظم في اليمن، فنحن بالفعل تنطبّق علينا دلالة المثل السلبية “غنم بلا راعي”. إن كان الأمن قد راح بلا رجعة، ولم يعد يمتلك رجل الأمن هوية الدفاع عن من هم في مسؤوليته، ويحتمي القتلة والمهربون بالمشائخ والوجاهات، فلابد أننا قد تشرّبنا الدلالة السلبية الكائنة في المثل «غنم بلا راعي» وأصبحت دلالتها سلوكاً يُمارس في كل مؤسسة. عندما لا يستطيع ممثلو الدولة الدفاع عن ممتلكاتها، بينما يسيطر على هذه الممتلكات أشخاص بعينهم؛ فنحن نسعى لأن نكون شعباً بلا هوية وطنية. عندما تجد أعداد المتسوّلين يتزايد، والمجانين يملأون الشوارع ويفترشون الأرصفة، فنحن دولة تتغنّى بالمبادئ الإسلامية ولكنها في الحقيقة بعيدة كل البعد عن تعاليمها، ولا نستخدم الإسلام إلا بوصفه سكيناً لذبح الخصم السياسي. عندما لا نتعلّم من أخطائنا، شعباً وقيادات، وعندما لا نحب الوطن - الذي ولدنا ونشأنا فيه - إلى حد العشق، وعندما نزايد بحبنا لوطننا، فنحن لا نعي معنى الحب، ولا ندرك ماذا يعني العطاء. نحن بحاجة إلى وطنيين يبنون وطنهم من دون أن يدخلوا إلى المؤسسات وهم يفكّرون بالرصيد الذي يمكن أن يكسبوه من إدارتهم، والإتاوات التي سيفرضونها على الرعية «الموظفين» نحن بحاجة إلى قادة لم يعرفوا النهب والفيد وفرض الإتاوات، يكفينا تجريب المُجرب، نحن نرغب بقادة من الشباب يعيدون إلى الوطن وجهه الباسم، يكفي تقاسم ومحاصصة وعشوائية. هل يمكننا أن نتخلّص نحن الشباب من دلالة المثل الآنف الذكر، وألا ننصاع إلى القيادات الديناصورية التي بغت وتغولت، هل يمكننا أن نحب وطننا لا لشيء إلا لأنه يستحق حبنا..؟!. رابط المقال على الفيس بوك