ليس بين يديّ الآن إحصائية لعدد الضباط والأفراد الذين استهدفهم الإرهاب خلال عامين فقط في المحافظات الجنوبية والشمالية فسقطوا بين قتيل وجريح.. ولكن يكفيكم أن تتذكّروا أن اليوم سقط قرابة 41 مجندًا وعشرات الجرحى في شبوة, وبالأمس سقط 100 مجنّد في ميدان السبعين بصنعاء, وسقط عشرات المجندين والمدنيين من اللجان الشعبية في أبين في عمليات غادرة, كان في إحداها قد سقط قرابة 50 قتيلاً دفعة واحدة, ويكفيكم أيضاً أن تتذكّروا كم هي المرات التي قرأنا فيها وسمعنا عن سقوط ضابط أو اثنين من ضبّاط الأمن السياسي والقيادات العسكرية في المحافظات الشمالية والجنوبية لاسيما في حضرموت, إلى جانب حوادث متكررة جرى فيها استهداف أطقم عسكرية ودوريات بعبوات ناسفة أو ماشابه. إذن الجماعات الإرهابية تقتل اليمنيين بدم بارد, ولا تفرّق بين شمالي وجنوبي, ولا بين شرقي وغربي, فالكل هدف مباشر لها, وكل محافظة من محافظات هذا الوطن نالت نصيبها من جحيم الإرهاب, هذا الخطر الداهم الذي تحرّكه مخططات عدائية غير بسيطة وغير واضحة ولا يستسهلها إلا قصير النظر أو من لا يستطيع أن يرى أبعد من قدميه, وإذا أقررنا بذلك وأقرننا بأننا لا نزال نعاني من حالات ضعف في المجال الأمني فهل تكون أية حالة من حالات الشرذمة والتقزّم طوق نجاة وعاصمًا يعصمنا من الكوارث التي يسقط فيها الأبرياء تباعاً وبلا هوادة؟! لا أظن ذلك ويشاركني الرأي كثيرون, فالإرهاب لن يعترف بفيدرالية ولا أقاليم .. إنه يغزو جميع المناطق اليمنية. هناك من السياسيين من يبدو مهووساً بالفيدرالية الشطرية, ولا يهمهم إن كانت الدولة – بواقعها الحالي وأعدائها الناشطين - قابلة لهذا النمط من الفيدرالية أم لا؟ .. هذه الدولة بحاجة اليوم إلى من يقيمها ويقوّيها لتحافظ على المجموع الوطني .. إن آلة القتل تحصد الأبرياء في كل مكان وأي فرز غير رصين لهذا المجموع سيجعلنا لقمة سائغة لمشاريع عدوانية لا أول لها ولا آخر, وتذكّروا أيضاً أن عالم المصالح لا يريد لموقع المصلحة استقرارًا كاملاً ولا فوضى عارمة, فإن نامت الفتنة أيقظها, وإن استيقظت حاول تهدئتها وتنويمها, وهكذا. اليوم تغيّر الحال عما كانت عليه الشعوب مع أعدائها في الماضي .. لقد أصبحنا أمام الإرهاب ومؤامرات القتل والفوضى في حرب سجال, فما نكاد نثأر لمن أسقطهم الإرهاب إلا وقد عاود النيل منا هناك. لا سبيل لنا إذن إلا أن نزداد توحدًا .. أن نغادر الماضي بكل أخطائه ونؤسّس لمستقبل واضح يتعايش فيه الجميع في ظل مبادئ العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات, فعندها نقوى في وجه الإرهاب ونحقق انتصارًا عليه. اليوم اليمنيون جميعهم كفروا بمنطق المنتصر والمهزوم, ومسألة (تعميد الوحدة بالدم) التي كنا نردّدها متى ما تذكّرنا صراعنا مع بعضنا في أحداث صيف 94م وضحاياها الذين دفعوا ثمن أخطاء الكبار .. فنحن اليوم ملزمون برد الاعتبار للوحدة البريئة من كل أخطائنا, وأمامنا فرصة أخرى لنتكاتف جميعاً من أجل تعميد الوحدة بالدم, ليس ونحن نتصارع من أجلها, ولكن نعمدها بدمائنا جميعاً ونحن نواجه الإرهاب ومؤامرات القتل التي تستهدف كل اليمنيين وتحاول الوقوف دون أن نرى المستقبل بعين باصرة. يكفينا صراعات, فمسؤوليتنا اليوم أن نركّز جهودنا لنحفظ أمن وطننا, وإن مزيدًا من الخلافات والأنانيات سيزيدنا ضعفاً وستغرق السفينة بمن فيها وما فيها. لا تغريكم بهارج الانقسام تحت يافطات متطورة يزيّنها لكم من لا يريد لكم الخير ويسوؤه أن تظلوا يدًا واحدة يصعب إخضاعكم, فقد يكتب الله لمستقبل الوحدة خيراً كثيراً. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك