حين تتوافر للقوى الإرهابية حيثيات اختراق سياجنا الأمني بسهولة, وإمكانية (طعننا من الخلف) بسكاكيننا؛ فإنها تظن واهمةً أنه يُسهل إسقاطنا, وبالتالي تنطلق في مغامراتها وغرورها كما هو حاصل بالأمس حين اقتحمت عاصمة الوطن في الصباح الباكر وحاولت ضرب اليمنيين في حصنهم (وزارة الدفاع) بالسيارات المفخخة والعناصر الانتحارية, وكأنها تزحف لفتح الروم بالعاديات ضبحًا والمغيرات صُبحا. طبعًا لم تنتهِ هذه الغزوة بغير تمكن هذه الجماعات الضالة من قتل الأبرياء في بلد الإيمان والحكمة بوحشية منقطعة النظير, إذ سرعان ما انكسرت مخططاتها أمام صمود الأبطال الذين يقدمون أرواحهم رخيصة من أجل وطن يسهرون على أمنه ويحبونه لا لشيء إلا لأنه وطنهم الذي يكتفون منه بابتسامة خجلى كل صباح ليقول لهم من جديد: (العقبات لا تزال كثيفة .. اصبروا فقد يأتي الخير), فيموتون وهم في انتظاره!!. لقد حاول القتلة أن يسقطوا مجمع وزارة الدفاع برمزيته, ليتركونا مسخرة للعالم ونحن نصيح بمكبرات الصوت يومًا بعد آخر لتحرير العاصمة ووزارة دفاعها!! لكن يبدو أن هؤلاء الإرهابيين ومن يقف خلفهم يقعون ضحية قياس خاطئ.. فما كل من سُهل اختراقه سُهل إسقاطه, وما حدث بالأمس درس ينبغي أن تعيه جيدًا عصابات الإرهاب والقتل مهما كان حجم مؤامراتها وخططها, فقد يكون من السهل عليها أن تقتل من عصم الله دمه وماله وعرضه, لكن يصعب وسيصعب عليها أن تظفر بشيء تستطيع به تركيع هذا الوطن. أقول ذلك وأنا أعي جيدًا أن جسدنا العسكري والأمني فيه بعض السموم وفيه بعض الضعف في أداء أجهزته, ولابد من علاج لكل ذلك, بدءًا بإثارة السؤال القائل: لماذا يسهل اختراقنا على الرغم من أنه يصعب إسقاطنا؟ ألا يعني ذلك أننا لسنا ضعفاء وإنما مقصرون, أو بحاجة إلى تنقية مؤسستنا العسكرية من كل مظاهر الاختلال؟!. علينا أن نعي أن ما يحدث في الآونة الأخيرة من استهداف لعشرات العسكريين واعتداء على بعض الوحدات المرابطة لهو جرس إنذار لمؤسستنا العسكرية والأمنية أن تدرك أنها المستهدف رقم واحد؛ لأنها جامعة كل اليمنيين ورمز وحدتهم وقوتهم, وهي اليوم في قلب المعركة مع من يستهدف الوطن وأمنه, ولهذا ينبغي عليها أن تزرع في كيانها أسباب القوة, وتقدم النموذج في تطوير جاهزيتها ورعاية منتسبيها وقواها النشطة, فهم عنوان الوطنية الحقة؛ لأنكم يا شجعان الوطن لا تتشدقون بالوطنية تشدقًا كما نصنع نحن, وإنما تمارسونها وتتذوقونها وتختلط بدمائكم يوميًا. ولا نملك أمام هذه الصلابة والاستبسال إلا أن نؤدي التحية العطرة لجنود الوطن البواسل وهم يرفعون رؤوسنا في مواقع الشرف والبطولة, على الرغم من كل الطعنات التي تتلقاها مؤسستنا العسكرية والأمنية بين حين وآخر. كما لا أملك وأنا أسمع عن طوابير ضخمة للمواطنين المتبرعين بالدم للضحايا الأبرياء إلا أن أقول: يستحيل على أية قوة في العالم أن تمرر ما تريده على هذا الشعب أو تلحق به الهزيمة, فهذا الشعب وإن كان يعاني ما يعاني فإنه يمتلك قدرة ذاتية أسطورية على الصمود والمقاومة .. ولا تحسبوه في شغلٍ عما تخوضه القوات المسلحة والأمن, فإنه يشاركها الهموم ويخوض معها غمار التحدي إلى أن يأتي الفرج. لم يبقَ لي إلا أن أوجه مناشدتي لقيادات مؤسستنا العسكرية والأمنية, أناشد فيها دينها وأمانتها أن تمنح الجرحى من منتسبيها كل العناية وكل العطاء, وأن تمنح أسر الشهداء الأبرار من رجال قواتنا المسلحة والأمن كل الرعاية والاهتمام, فهذه الأسر تضحي بمن يعولها وتقبل أن تثكل الأم وييتّم الطفل وتتأرمل الزوجة ويكابدون جميعهم العوز والفاقة في سبيل عزة هذا الوطن وحراسته ليبقى عصيّاً على السقوط برغم كل أساليب الاختراق. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك