على الرغم من انقسام المراقبين إزاء موقف المملكة العربية السعودية الرافض قبول العضوية في مجلس الأمن الدولي إلا أنهم متفقون على أن وجود المملكة في هذه المؤسسة الأممية لن يكون له تأثيره الإيجابي على القضايا العربية تحديداً وقضايا العالم النامي بشكل عام، كما أن التبريرات التي ساقها بيان وزارة الخارجية السعودية فيه من الاعتبارات الموضوعية الشيء الكثير، خاصة لجهة التحفظ على المعايير المزدوجة التي تتعامل بها هذه المؤسسة إزاء القضية الفلسطينية والقضايا العربية العادلة بامتياز. والحقيقة لقد أثار هذا الموقف عديد التساؤلات، سواءً بالنسبة لمحبي المملكة أو لخصومها التاريخيين في نفس الوقت، فمن ناحية يفوّت هذا القرار الفرصة أمام المملكة -وهي تقود المجموعة الخليجية حالياً ولها ثقلها على مختلف الدوائر الاقليميه والدولية- للتعبير عن تطلعات هذا المحيط والمنافحة عن قضاياه .. ومن ناحية أخرى الخوف من أن تترك المملكة فرصة شغل هذا المقعد، خاصة إذا ما أتى صوت ضعيف لا يلبي – بأي حال من الأحوال – حاجة القضايا العربية في الآونة الأخيرة والذي يحتاج إلى موقف شجاع ليعبر عن هذه التطلعات والأوجاع داخل المنظمة الأممية، أما القوى التي دأبت مناصبة العداء للمملكة فقد استقبلت هذه الخطوة بالترحاب – دون شك – بالنظر إلى أنها تأمل دوماً تحييد الدور السعودي تجاه مختلف القضايا وبخاصة قضايا المنطقة والإقليم. ومع كل ذلك، فإن الكثير يتعاطف مع المبررات السعودية تجاه الامتناع عن لعب دور المتفرج في لعبة الأمم بالنظر إلى الدور الباهت الذي تمارسه هذه الهيئة تجاه ما يعتمل من تطورات في المنطقة العربية وبخاصة تلك القضايا المركزية كالقضية الفلسطينية التي ظلت تراوح مكانها منذ عقود طويلة ، فضلاً عن التسلح النووي في المنطقة ، إذ ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين بالإضافة إلى تلك المستجدات الراهنة التي خلخلت – إلى حد كبير – التوازنات والتحالفات القائمة، ويمكن الإشارة هنا للتدليل على ذلك إلى ملفي التسلح النووي الإسرائيلي ومحاولة إيران امتلاك هذه الأسلحة المدمرة .. وهي أحد المبررات لاتخاذ المملكة هذا الموقف الذي يحسب لها وليس عليها.. على أمل أن تعيد الأسرة الدولية التفكير في إعادة صياغة منظومة الأممالمتحدة وعلى أسس جديدة تتعامل مع متطلبات الحاضر والمستقبل لما يلبي حاجة وتطلعات المجتمعات والشعوب إلى العدل والمساواة ودون انتقاص أو تمييز . وإجمالاً، إذا لم يكن للمملكة سبق الريادة في إعادة ترتيب البيت الأممي، فيكفيها في هذه البادرة أنها رمت بحصاة في المياه الأممية الآسنة !!.