ونحن في خضم أوضاع حسّاسة متحفّزة تكاد تنحاز إلى صالح مطالبنا، وما المطلوب من الدولة والتي صارت هي المسؤولة عن كل شيء وكل تقصير، وإلى أن يأتي يوم تمتثل فيه الدولة لمطالبنا نكون قد ابتعدنا عن تحقيق هذه المطالب، وهذه المرة ليست المطالب صحية تعليمية اجتماعية ثقافية؛ بل هي مطالب تنبع منا نحن المواطنين أفراداً وأسرهم أن نحقّقها هذه المرة نحن من خلال التنشئة الاجتماعية ومن مراحل الطفولة الأولى وأن يضع الوالدان في الحسبان أنهما إنما ينشّئان أولادهما ليس فقط كأبناء وإنما كأفراد في المجتمع يستوعبون المطلوب منهم، ويتعاطون مع وسائله المؤسسية الحكومية والأهلية وعبر الطلبات الفردية، ولكن الأمر اليوم وللأسف وبهدف الإساءة إلى الثورة الشعبية السلمية والنيل منها وصولاً إلى نكرانها بل الدوس على تلك الدماء الزكية ومن ثم لتبرير النيل منها شهداء وجرحى، وبعده تصويرهم تارة أن من قتلهم هو منهم أو مدسوس لقوى تدّعي الثورة، وكل ذلك محاولة لإجهاض الثورة وعبر تخطيطات مختلفة، متجاهلة أن الله يرى ويفضح المتآمرين ومحاولتهم تشويه الصورة وصولاً إلى السيطرة على مقدّرات الشعب وكأنهم لا يقرأون التاريخ وثوراته، وأن القفز على الواقع لا يخدم تاريخ الفاعلين، وأن التاريخ سيسجّل سيئات عملهم، وكم يكون مخجلاً لهم بل أحفادهم بتسجيل أسمائهم في سجل المذمومين.. إنه حقيقة أزلية متطوّرة هي أن الشعوب مهما عانت وتعرقلت مسيرتها هي بوتقة لاستيعاب المعطيات القابلة للتطوّر، وأنها قادرة على كشف التآمرات ولديها ذاكرة قوية تختزل فيها من استغل وهدم وسخّرها بشراً وثروة وتاريخاً لصالحه، وهي تعرف وإن كان إلى حين، فهو مستحيل استدامته. فلم لا يكف هؤلاء عن الأذى، فكم هو مخجل تسخير البعض وتمويلهم لضرب أبراج الكهرباء، ورغم أن المتضرّر هم المواطنون الذين يشترون منتج الكهرباء ومثلهم أصحاب البقالات ومحلات النجارة والخياطة. والناس يدركون أن من يقوم بذلك إنما يعتدي على حقهم في هذه الخدمة مدفوعة القيمة وأن استضعاف الدولة بتتاليات ضرب الكهرباء لن يوصلهم إلى مبتغاهم بسبب أن الحكومة منهكة ومستضعفة وأنهم أفراد معروفون، وأنهم مدفوع لهم القيمة لاستمرار ضرب الكهرباء وأنها واضحة للشعب، وأن عليهم الكف عن الإساءة كونهم يحملون أسماء قبائلهم وعشائرهم التي يلتصق بها سوء أعمالهم وإذا ما جئنا على الظلم والتخلف فهو منتشر بين الشعب وقد استضعفهم وهو سوء إدارة السابقين للدولة، وإن كان من الحق للشعب هو أن يعزز من حقه في المساءلة وفضح الناهبين للثروة الوطنية اسماً وموقعاً ونوعاً للثروة المنهوبة، أما الحياد عن ذلك فمعناه استمرار امتصاص الخيرات والتقتير على الصحة والتعليم وبالتالي استمرار مرض الجيل الجديد ومعاناته من تعليم قاصر محدود الوصول، وسيئ الوصول يضاعف من حالات التسرُّب والأمية ولا يواكب حاجة سوق العمل. إننا نحتاج إلى معرفة نسبة الاتساع والتطوّر لخدمة التعليم ونسبة الإنفاق على التعليم نوعاً وكماً وتوسُّعاً وخاصة في الريف، وأن تتغير آلية الأداء التعليمي، وأن تراعي وزارة التربية والتعليم ظاهرة تكاد تكون واقعاً هو توفر مدرس واحد في المدرسة وتعالج الأمر مع وزارة الخدمة المدنية، فحالة تكدس للموظفين الجدد في العاصمة وعواصم المحافظات، وأن تتخذ الوزارتان إجراءات مثل توفير السكن للمدرسين بيوت جاهزة داخل حرم المدرسة وبدل الريف لرفع رواتب المعلمين وتحديد فترة زمنية لأداء العمل ل57 سنوات للعمل في الريف للنهوض بالتعليم، وكذلك الحال للصحة «انتداب معلمين وصحيين» دون ذلك فإن بالانتظار جيش من العاطلين والمتطرّفين ومنفذي الجريمة المنظمة والمتهرّبين عبر الحدود وجيش من شباب لا يجيد حرفة ولا مهارة، دون ذلك تبقى البلاد مرتعاً وحقلاً لتجارب المتطرّفين وأصحاب الجرائم. لا أظن أن نضالات شعبنا الدائمة وتاريخه المحفّز للعلم والعمل قديماً وحالياً لا يحفزه لصناعة الإنسان ومستقبله المنشود وكرامته الأبية ولا تصنع فيه حب الوطن ولا تحرّك فيه حبّه وتطلُّعه لإعادة صناعة الإنسان لخدمة التنمية والحد من الفاقة والجوع وخاصة نماذج منها منتشرة في الشوارع والبيوت المتهالكة والأمراض المعدية والمستعصية والبيئة الملوّثة الممتدة في الشوارع إلى المزارع سواء لسوء الاستخدام أم لعدم الكف عن ذلك العنف ضد البيئة مما يوسّع قاعدة البيئة غير النظيفة وغير الآمنة. لكن للأسف تعمد تشكل هذا الواقع المزري ليس بسبب جهل المواطن، ولكن بسبب سوء الإدارة المتعاقبة، يضاف إليها صنف نوع من المؤذين بحق هذا الوطن وتدمير الإنسان فيه. إننا نحتاج إلى صحوة وطنية بدءاً من الأحزاب والقوى السياسية كونها شريكة مع بعضها، وأنيط بها دور تاريخي لتنفيذ المبادرة الخليجية «2013» أن تخرج من نمطية الدور الرقابي التراجيدي إلى دور سياسي تنموي فاعل، فكفانا أن وجودها هيّأ وساعد على استضعاف الإنسان اليمني، وعليها أن تصحّح من دورها حتى يرحمها التاريخ والوطن والإنسان. رابط المقال على الفيس بوك