صديقي. أحمد الطرس العرامي.. أهديك مجموعة أيام لتقويم فقد ذاكرته. ننتظر الصبح حتى نراه؛ وما أن نغمض أعيننا لحظة الاطمئنان لمجيئه.. حتى لا نراه، فلا ندري حينها هل أصيبت أعيننا بالعمى أم أن الصبح لم يعد بعد. قد تطارحك فكرة شكها على اعتباره تقهقر كمن يصعد السلم مديراً ظهره لدرجاته بخطى صاعدة ومرتبكة تتلازم مع ذبول وميضها مخلفةً ليلاً عميقاً ليس بوسعنا سوى الغرق فيه، ليلاً بلا نجوم ولا سماء.. ليلاً عقيماً لا يهمه إغماض جفنيك من عدمه.. تشتعل حيرتك آنها؛ كمن يدخل متاهة جميع مخارجها تؤدي إلى الارتياب. تحاول العودة من مخرجها الأول كذاك الصبح الذي حملت تقهقره فكرةٌ حمقاء لتقودك جميع مخارجها نحو ذلك الارتياب وإلى اليقين بتلك الفكرة اللاحمق فيها. تتمسك بمدينة ساهمة وبمدنية زئبقية تجمع أنفاسك لتوحيدها لكنها تؤمن بالمحدش وتجعل من المدينة كانتونات تعرف من اللغة بعض النقاط التي تنتظر حروفها؛ كذاك الذي تعرفه أنت عن تشابه مخارج المتاهة التي تقودك بتلك النقاط الوحيدة والضالة؛ وفي يديك حروفها بعد أن رُدّت بضاعتك إليك.. ما دامهم يمتلكون إشارات الداعي القبلي التي تغنيهم عن حروفك ونقاط المدينة التي تتشابه إلى حد ما مع ذلك الصبح وتلك المخارج. فجأة يزداد السواد وتبيّض الفكرة .. وتردد مقولة...«الذهاب لتحقيق الحلم أثمن من الانتظار لمجيئة». تأخذك حالة تروي ربما أحد الأصدقاء سيستطيع الثبات معي حتى نتأكد من أحرف المقولة الأولى.. “ هل أصيبت أعيننا بالعمى أم أن الصبح لم يعد بعد”، تتوالى بصيرتك للوقوف على معاني المقولة بانتظار تعريف لها ربما يقيك من عتمة الفكرة ومن توحد المتاهة في نتيجتها.. إلا أن أوراق المراهنة على ثبات الأصدقاء تتساقط في ذلك الليل الطويل كتقويم فقد ذاكرته بعد أن أصابه عمى الوقت.. ستفلح مخيلتك في اقتناص لحظة الوقوف عليه وهو يلفظ أوراقه الأخيرة قبل أن ترى في يديه قداحة يتجه لهبها نحو تلك الأوراق المتساقطة والتي بإحراقها سيشتعل الليل كلوحة فنية تحمل تسمية رماد المدينة.. لحظتها سترى كم أن عقارب الوقت تتهالك أمكنتها لتعود الفكرة تطارحك عدم الإيمان بشكها بأن ذلك الصباح كان يتقهقر على سلم الذبول في انتظار مواراته في جيب لمؤخرة عسكرية رخوة طالما أمعنت القبيلة في تحسسها.. كمغترب يمني في بلد يتحسس إقامته حتى لا يفقد بقاءه فيها، بعد أن استطاع النفاذ من وطن أدمن إسقاط أبنائه كذلك التقويم الذي لم يستطع الأصدقاء البقاء فيه حتى نتوحد جميعاً لإخراج البلد من جيب خلفي لمؤخرة عسكرية رخوة.