أخيراً أطلق المختطفون سراح محمد منير هايل بعد أسابيع من اختطافه بواسطة مجموعة من المشايخ، أخيراً سمح المخرّبون للفريق الهندسي من وزارة الكهرباء بإعادة التيار الكهربائي بعد أيام من منعهم بوساطة مشايخ. أخيراً أفرج قطّاع الطرق عن ناقلات النفط المحتجزة والتي أدّى احتجازها إلى أزمة في محطات البنزين في المدن اليمنية، بعد وساطة مشايخ. أخيراً أطلقت الهولندية جوديت وزوجها بعد أشهر من اختطافها في مكان مجهول، وبطريقة مجهولة وفوراً غادرت إلى بلدها وبوساطة مشايخ. أخيراً، توقفت المواجهات في الرضمة بين الحوثيين وقبائل خلَّفت عشرات الضحايا بوساطة من المشايخ. في جريمة كالخطف يصل الحد إلى أننا نتبنّى الخاطفين ونتركهم دون عقاب حين ينتهي بهم الأمر إلى مليونيرات بعد كل عملية خطف لاستجابة الدولة لمطالبهم إلى الذي نسلّم لهم إلى جانب الفدية المطلوبة “غرامة خطف” وهي تكاليف العملية ورعاية المخطوف، بل وضمان عدم المساس بحريتهم، ويضيع الحق العام والخاص وتنزف القيم والقانون. ومثلهم مخربو الكهرباء، وفي القتل نكتفي “بالمحدعش” الإجباري المقبول المرجوع، ولا يقام حد ولا تُشفى صدور متألمة وقلوب مفجوعة وتبقى الجروح مفتوحة إلى إشعار آخر. تتكفل وساطة المشايخ بإعادة الحق الخاص المنتهك والمدفوع ثمنه، مقابل خسارة وتنازل عن الحق العام. للمشايخ قدرات في الحل لا تملكها الدولة، وستظل تلك القدرات ممانِعة أمام اكتساب الدولة لها حتى يتم الاتفاق على تركها لها دون تدخُّل من أحد. والمتدخّلون من المشايخ تحتاج مواجهتهم إلى حيلة لا تشبه تلك التي قام بها النظام السابق من إثارة الفتنة وشغل القبائل والمشايخ بعضهم ببعض، بتفريخ شيخ لكل شيخ، وإطالة أمد قضايا الثأر والخلافات داعماً هذا ضد ذاك، وتقوم الحيلة التي نريدها على إغرائهم بأدوار أخرى بعيداً عن مهام الدولة والتعدّي عليها، والتوصل معهم إلى اتفاق بأن طريقتهم في الحكم والإدارة لا تتناسب مع جوهر النظام الجمهوري والدولة المدنية. خلف الاختطافات وعمليات التخريب التي لا تهدأ ولا تنقطع يمكن الإمساك بخيط توجُّهٍ يعمل بقوة ليبقي الدور السياسي لقادة القبيلة حياً يتحكم بمصير اليمنيين ومستقبل يمنهم؛ لأنه القطب الذي يحرّك كل الأدوار حوله، لنكون في مواجهة تعدد الحاكمين في اليمن، تعدد فج ومباشر وتفصيلي يصل إلى أبسط القضايا يسيء إلى كل فكرة منظمة دينية أو سياسية أو قانونية أكثر من أي نفوذ آخر. وهنا لا يمكن إدراج ما يفعله المشايخ ضمن العُرف الذي أمرنا بالأمر به، فهذا العرف الذي لا يقيم وزناً لشريعة ولا لقانون وتسقط فيه الحدود إجبارياً، يكافأ فيه المخطئ ويخطئ المحق ولا يحقّق جوهر الشرائع والقوانين في حفظ المجتمعات. يقول أحد الخاطفين في تصريح لصحيفة إن عملهم في الحشيش تم التضييق عليه، فتحولنا إلى الخطف كباب للرزق، وهذا أسوأ ما تُحدثه الوساطات للناس، الجريمة والإجرام هما الأنسب لتعيشوا حياتكم. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك