« 2 2 » يتّجه المساكين الحثالة «كما يسمّيهم قاتل المساكين» إلى القتل بحماس من أجل الثروة المسروقة دفاعاً عن حق المساكين والجوعى؛ فيذهب ليقتل بائعاً متجوّلاً ومتسوّلاً في الشارع يتسوّل قرص خبز لصغاره و«طمراً» بالٍياً يقيهم البرد؛ يقتله هو وصغيره الذي يحمله على ظهره دون شفقة، في الوقت الذي يهتف فيه المسكين القاتل أنه انتقم للمساكين والجوعى من اللصوصية والإجرام. كان الناهب واللص والقاتل الحقيقي قد أقنع المسكين القاتل «سعيد السمح» أن هذا المتسوّل وهذا البائع المتجوّل هما في الحقيقة ناهبون ومصاصو دماء يتخفّون بثياب المساكين..!!. لم يزد هذا القاتل المسكين إلا أنه غرس سكاكين في بطون المساكين الخاوية وهو يظن أنه يدافع عنهم، يلتفت القاتل المسكين الحثالة وهو يرى أحشاءه هي الأخرى تندلق بضربة سكين القاتل الحقيقي الذي كان يظنّه «أبا المساكين» والذي حرّضه على قتل إخوانه المساكين وأعطاه الخنجر والمبرّر. اللصوص يقتلون بعضهم، لقد انتقم لنا الله منهم.. هكذا سمع «سعيد السمح» سيّده ومحرّضه يقول بعد أن سدّد إليه طعنة مميتة، وكانت هذه حسرة لا تتحمّلها الجبال، لم يعد هناك مسكين أكثر من هذا القاتل المسكين الذي ظنّ أنه قد وهب حياته من أجل الله والوطن والمساكين؛ ليكتشف أنه خسر الدنيا والآخرة، وقتل المساكين خدمة للصوص والقتلة. كان «سعيد السمح» وهو يموت يتألّم؛ ليس من الموت وإنما من الخديعة الكبرى، كان الندم ينزف من عينيه أكثر من الدم، أراد أن يقول شيئاً لكنه لم يستطع؛ فقد أخذ القاتل الحقيقي يغرس حديدة سامة في جرحه بدعوى إسعافه، فالتقط قلماً من أحد الحاضرين؛ إلا أنه وجد القلم دون مداد، غرس القاتل المقتول اصبعه في جرحه بكل قوة وكتب على جذع شجرة كان يتكئ عليها جملة ظهرت هكذا «من يبلّغ عني كل ..... أمانتكم السبع الأمانات.......ا...... الحاضر يبلّغ الغائب ا.......» كان هذا كل ما استطاع كتابته وفاضت روحه. لم يفهم أحد الوصية؛ لكن المحرّض أو «قاتل المساكين» والراعي للقتل قام ليقرأ الوصية على هذا النحو؛ حيث أخذ يبكي وينتحب ثم بدأ القراءة: «يقول الشهيد - رحمه الله - من يبلّغ عني زملائي وإخواني وأهلي أن القتلة الذين قتلوني وقتلوا هؤلاء المساكين هم إخواني أحمد السمح ومحمد السمح وعبدالرحمن السمح». لم يعترضه أحد، ولم يقل له أحد: كيف قرأت هذا، ومن أين..؟!.. لقد أخذ يبكي ويرتفع نشيجه كأنه أم ثكلى؛ وأخذ الناس من شدّة بكائه ينخرطون في موجة بكاء حادة، وأثناء البكاء أخذ ينظر بخبث من تحت نظارته الرمادية إلى الموجودين، ثم أخذ يهتف بصوت مبحوح: «الانتقام... الانتقام.. اللعنة على القتلة أحمد ومحمد وعبدالرحمن السمح»..!!. كان القاتل يتلهّف للقضاء على ما تبقّى من المساكين ليزيح عقبات من طريقه ويذهب يحتفل مع أعداء الله والوطن وأعداء المساكين الطامعين من كل الجنسيات والألوان بالنصر، ويتحدّث كيف قضى على المساكين الحثالة الذين وقفوا ضد الله والوطن والمساكين، ويتبعها بقهقهة فاجرة. من سيبلّغ رسالة المسكين القاتل «سعيد السمح» وأشباهه كما هي وينقذ المساكين من أنفسهم ومكر اللصوص والقتلة..؟! يا لتعاسة المساكين في بلدي. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك