قيل لنا إن افتتاح جلسات مجلس النواب باسم الشعب كفر بالله, وإن افتتاحها باسم الله وباسم الشعب شرك بالله, وإن الإسلام الصحيح يطبق في هذه المسألة بعبارة: «باسم الله ثم باسم الشعب نفتتح هذه الجلسة»؟ وهذا ما كان, لتكشف لنا السنوات الكثيرة أن مجلس النواب اقترف باسم الله لا شريك له أعمالاً كثيرة، إن لم نقل كلها, إثماً وفساداً كبيراً. لست هنا بصدد تأصيل الحكم الفقهي في مسالة ذكر اسم الله في أعمال إن لم تكن محرمة ومجرمة نصاً , فهي يقيناً مما لا يحبه الله ولا يرضاه من المؤمنين به رباً وإلهاً, ولكني معني ببيان أولوية تنزيه الله جل وعلا, عما لا يليق بجلاله في تصورنا لقدسيته سبحانه , وتصرفنا باسمه, التزاماً بإيماني أن كل شيء من عند الله وأن إصابة السيئات منها , هو من أنفسنا, كما أن إصابة الحسنات فيها من عند الله, لأن الله بيّن لنا السيء من الأعمال ونهانا عنها ولا يرضاها لنا, فهي من عند الله خلقاً ومن أنفسنا قصداً وكسباً. ولما كنا نعلم يقيناً , أن مجلس النواب في الأصل فكرة غربية مستحدثة لتأويل مفهوم الديمقراطية في الفلسفة اليونانية بصورة عملية, فإننا نجزم ان المجلس, تكويناً ووظيفةً, هو من عند أنفسنا قصداً أو كسباً, لأن المعنى الحرفي للديمقراطية هو حكم الشعب بالشعب, ولما كان يستحيل عملياً وصول كل الشعب الى الحكم, جاءت الديمقراطية التمثيلية أو النيابية, بفكرة تمثيل جزء من الشعب في سلطة الحكم , لتنوب عنه في الحكم, ممثلة له, ومختارة منه, وهذا ما عليه حال مجلس النواب في الجمهورية اليمنية, لذلك رغم ما نقبله من الفكرة وما نستحسنه منها, شكلاً ووظيفةً, يستحسن معها تنزيه الله عمّا لا يليق به وباسمه تعالى عما في تصورنا وتصرفنا في مجلس النواب. ولما كانت قرارات المجلس وما يصدر عنه من تشريعات وقوانين هي اجتهاد أعضائه بما بلغه علمهم واستطاعة اجتهادهم, فإننا نكون أقرب إلى الحق والحقيقة, إذا نسبنا ذلك لأهله, وأصدرناه باسمهم, وافتتحنا الجلسات باسم الشعب, تنزيهاً لله عما لا يليق بجلاله وعلوه من سفه النواب وفساد تكتلاتهم الحزبية, ومفاسدهم التي لا نعلم لهم عملاً غيرها. هل نقيس هذا بما ورد من وصايا الرسول «صلى الله عليه وسلم» لقادة جيوشه في هذا الحديث الذي رواه سليما ن بن أبي دريدة عن أبيه, وفيه: «وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه , ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك , فإنكم إن تخفروا ذمتكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه, وإن أرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن انزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا». نأمل ألا يصل أرباب التجارة بالدين إلى الإساءة لله والزج باسمه تعالى فيما لا يليق بجلاله كقولهم على أنشطة ينفذونها برعاية الله. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك