بالأمس انتهى مؤتمر الحوار الوطني بعد أشهر عديدة من المداولات والشد والجذب بين أطراف الحوار حول العديد من القضايا والمشاكل التي يمر بها الوطن, وخلال فترة الحوار تحمل أبناء شعبنا الطيب أشكالاً وألواناً من الصعوبات والمعاناة في العديد من الجوانب الحياتية والمعيشية، آملاً في أن تشكل نتائج ومخرجات هذا المؤتمر الطويل والمكلف بداية الطريق الصحيح نحو مستقبل مشرق لهذا الوطن المعطاء، مستقبل ينعم فيه جميع أبنائه بالأمن والأمان والاستقرار, والخير والتقدم والازدهار، في ظل دولة مدنية حديثة تتضمن منظومة متكاملة من الهيئات والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية.. تديرها قيادات متخصصة نزيهة وأمينة ومخلصة تحرص كل الحرص على مصلحة الوطن وتنميته وتقدمه وأمنه واستقراره وتبذل جل اهتمامها وجهدها لخدمة أبناء هذا الوطن في شتى المجالات وفق منظومة متكاملة من القوانين والتشريعات والسياسات والأساليب والوسائل الحديثة والمتطورة، وفي إطار دستور واضح وشامل ومحدد يرتضيه الجميع ويحتكم إليه، ويضمن لكل أبناء المجتمع الحرية والكرامة والعدالة والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، وينعم الجميع في ظل هذه الدولة بالأمان والاستقرار والعيش الرغيد والحياة الهنيئة، ويسهم الجميع كفريق عمل واحد في التنمية والنهوض بها وحمايتها والحفاظ على وحدتها وأمنها واستقرارها. ولاشك أن صناعة المستقبل المشرق لهذا الوطن لا يمكن أن تكون مسؤولية جهة ما أو طرف محدد أو مجموعة معينة بذاتها في هذا الوطن, لكنها مسؤولية جماعية مشتركة لكل فرد منا أو جماعة, ما دمنا نعيش على ثرى هذا الوطن الطاهر ونستظل بسمائه, وننعم بخيراته، فكل واحد منا مهما كان موقعه وطبيعة عمله يمكن أن يسهم بفاعلية في صياغة مستقبل مشرق لهذا الوطن, طالما امتلأ قلبه وكيانه بحب الوطن والانتماء له، واستشعر معنى ودلالات هذا الحب والانتماء للوطن في حياته وسلوكه وإدراكه لواجبه نحو هذا الوطن. إن نتائج ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني تحدد فقط بداية ومعالم الطريق لمستقبل اليمن الذى أجمعت عليه مختلف الأطراف المشاركة في الحوار, لكن صناعة هذا المستقبل مرهونة بإرادتنا وقدرتنا جميعاً أفراداً وجماعات، حكاماً ومحكومين، مستقلين ومتحزبين، كباراً وصغاراً, نساءً ورجالاً, ننتمي إلى هذا الوطن في ترجمة هذه المخرجات وتجسيدها على أرض الواقع العملي بصدق وإخلاص, وتضحية ووفاء, وتعاون وإصرار, وتغليب لمصلحة الوطن العليا على كل مصالحنا الشخصية أو الحزبية الضيقة.. فالوطن هو الكيان الذي نحتمي به، وهو الأرض التي ولدنا ونشأنا وترعرعنا على تربتها، وفيه نحيا ومن أجله نموت، وأن الله استخلفنا على هذه الأرض لنعمرها ونبنيها ونشيد عليها مداميك الخير والنماء ونصونها بولائنا المطلق من أي تخريب أو استهداف، وإن من يخلدون بأعمالهم هم أولئك البارون بأوطانهم المخلصون لشعبهم المتوخون في أعمالهم الدنيوية ليس فترة وجودهم فيها، ولكن يعملون للأجيال القادمة.. مقدمين حبهم وولاءهم لوطنهم على أية مصالح دنيوية زائلة. وختاماً أقول وأذكّر: إننا جميعاً نبحر على ظهر سفينة واحدة هي سفينة الوطن ومسؤوليتنا أمام الله والتاريخ والأجيال القادمة أن نوصلها إلى بر الأمان، لأنه إذا ما عصفت بها أعاصير التحديات والأخطار التي نجابهها اليوم فستغرق في بحر الفرقة والتمزق والصراعات والفوضى التي ليس لها قرار، فلنحرص جميعاً على أن تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان وشاطئ النهوض والتقدم والاستقرار, والله يوفقنا جميعاً لما فيه خير اليمن وتقدمها واستقرارها ويسدد على هذا الطريق خطانا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.