تستعصي الأحداث الراهنة على الفهم الكامل لمجرياتها، ولما يمكن أن تصل إليه.. ولعل التسارع الكبير هو سبب هذا الغموض الذي يلف مسرح الأحداث...ولاشك أن ثمة شيء يتشكل ويتبلور في دهاليز السياسة ندركه في لحظة ما ثم تختلط الأوراق والمواقف وتصنيع الفكرة.. ولعل الارتباط الحاصل بين مجريات الأحداث في أكثر من ساحة عربية يجعلنا أمام حالة غير عادية، وبالتالي لابد من التأني والبحث عن فرص هادئة لقراءة المشهد على حقيقته. الناس ينتظرون كلاماً متفائلاً، وثمة من يريد أن يسمع ويقرأ هذا التفاؤل بغض النظر عن حقيقة ما يجرى ويبدو أن التفاؤل لم يعُد حاضراً بالشكل المطلوب، وحظوظه تتآكل وتقل في كل ساعة عن سابقاتها. كل الأحداث التي تمر علينا لها نتائج، ولها انعكاسات على مجمل الجوانب وأرى أن الصورة تزداد قتامتها وتضيع ملامحها وأرى أن الثمن يزداد كل يوم، هذا قبل أن يبدأ حساب ثمن نتائج ما يجري اليوم والموضوع لا علاقة له بموقف من هذا الطرف أو ذاك.. أنا أناقش هنا حقيقة أن الأوضاع لا تسير إلى ما هو أفضل وأن نتائج الاقتتال والصراع ونتائج القتل الذي يترصد الناس في الطرقات وفي كل مكان، لن تكون تلك النتائج وردية وذات أثر إيجابي على المجتمع بأسره. الصراعات من هذا النوع بغض النظر عن الخاسر والرابح في الوقت الراهن سوف تؤدي إلى ظهور أعراض جانبية في أماكن أخرى لها أثر على المستوى العام. ولكي نفهم هذا السيناريو جيداً لا يجب الوقوف عند نقطة الخلاف الآن، علينا أن نعود زمناً كافياً لندرك تراكمات الماضي التي وجدت الفرصة لتظهر مرة ثانية وثالثة بكيفيتها التي نراها اليوم ولابد أن ندرك أكثر أن الأخطاء الطائشة سرعت بالنتائج...وأن الذين استهانوا بالناس سيدفعون الثمن.. سمعنا ولم نزل نسمع عن عقليات وسلوكيات مرعبة جعلت من رحلة العقود الماضية من عمر ثورة 26 سبتمبر كابوساً على فئات ومناطق أكثر من غيرها.. ولأن الزمن لا يدوم على حال فقد جاءت ظروف أنتجت أحداثاً وتغيرت قواعد اللعبة وبالتالي لا غرابة حين نرى نتائج غير متوقعة عند طرف من الأطراف. لا يوجد شيء غير متوقع، فالسياسات الفردية والجماعية الخاطئة تجلب الويلات، ومن المؤسف أن يدفع الثمن أناس لا علاقة لهم بالاستهلاك ولا علاقة لهم بصناعة السبب ومن المؤسف أنه حتى اللحظة لم يدرك البعض أن الأمور تسير على غير ما يريد، وعليه أن يصحح مواقفه وتصرفاته قبل فوات الأوان. حين يجري التعامل بانفعال وغرور وغطرسة تخلو من وعي وبُعد نظر تأتي الكوارث سريعاً.. وتأتي النتائج الكارثية بشكل أسرع. لا مجال الآن للخوض في هذا الجانب فالأحداث أكثر تسارعاً مما يبدو لنا والنتائج تدق أبواب المدن وأبواب المستقبل، وما هو مهم الآن كيف نقلل من الخسارة العامة التي ستطال الجميع كنتيجة وإن كانوا خارج لعبة الصراع. وحتى لا تتكرر الأخطاء فالأوضاع بحاجة لحسابات دقيقة جداً لأن الواقع يقول إن الكثير من المواقف والكثير من الطموح لم يكونوا مدروسين بشكل جيد، وها هي النتيجة!!