يمكن لي أن أراهن على أن التاريخ لن يحابي اليمنيين, سيروي الحقيقة كما هي؛ أو بالأصح سيتحدّث على هذا النحو الفاضح: «عاش اليمنيون عقوداً مظلمة في عراء التخلُّف والانحطاط والحروب، ثم حين تماهت معهم الأقدار الجميلة جحدوا رغبتهم في الخلاص وانتفضوا ينصبون المتارس, ويفتحون لجحيم الصراع مساحات إضافية، طامرين بغبار معاركهم الباهتة آخر أحلام الانتقال إلى عوالم النور والضوء». سأحتاج إلى الكثير لكي أستوعب لحظتها أن التاريخ لم يكن منصفاً في روايته؛ ذلك أنني مهجوس بوعي عام يرفض اقتناء الانحطاط مجدّداً, ولا علاقة للأمر طبعاً برغبات ثائرة في كوامن المتصارعين على اغتراف المزيد من مفاهيم وأفكار القرون الوسطى وصدر الإسلام لتكريس واقع يحاكي كوامن هذه الرغبات اللعينة. لن تكون أمام حاشد فرصة أخرى لتربُّع عرش اليمن كقبيلة جامعة للكبار, وهي في الحقيقة كانت تجترح قسراً هذا المسار بعيداً عن كون الحوثي يعتقد أنه ينجز ذلك على نيران عجلة جنازيره، كل ما صنعه الحوثي هو أنه أعطى ولايزال يعطي لحاشد الفرصة لاجتراح مسارات مغايرة تكرّس واقع الصدارة، وتعيد ترتيب الخارطة الوطنية بعيداً عن منطق التاريخ المعاصر وإملاءات الحضارة..!!. إن حاشد لم تكن قوية بمحيطها الجغرافي؛ وبالتالي سيأتي الحوثي لكسر شوكة أولاد الأحمر وملء فراغ هذه الجغرافيا بجحافله، ويراهن على أنه سيكون حينها نسخة أخرى من أولاد الأحمر كحالة فريدة في القوّة وصناعة التاريخ؛ لا يحمل هذا التفكير أدنى عقلانية، وفوق هذا يستجر معه صورة لغباء الحوثي المُفرط في الكثافة..!!. امتداد الصراع زمناً واتساع رقعته مكاناً سيكون له أبلغ الأثر في ضرب ملامح الاستقرار والدولة المدنية المتخلّقة من رحم المستقبل الجميل, قد ينكسر “بيت الأحمر” بيد أنها لن تُهزم, قد ينكسر غرور الحوثي لكن الحوثي لن يُهزم، وحده الوطن ينزوي جانباً للبكاء ورثاء فداحة هزيمته. ملاحظة: مشروع جمع التبرعات لشراء سيارة للتخفيف من وطأة إعاقة جريح الثورة عمر الصمدي لايزال مستمراً، بعدها يمكن الإقرار أن ما يحدث يفوق في طبيعته “ما بعد مشهد كارثي متكامل”!. ولكم أن تتصوّروا: بعد 3 أعوام نفيق بيقين على حُطام ثورة.. وعمر، لا شيء يتجلّى الآن أكثر من المأساة, نستحثُّ رجال الخير طمعاً في مد يد العون لثائر معاق، وندرك في صميم أعماقنا أن أيادي الخلاسين القدامى أنفسهم مازالت تنغمس إلى حد المرافق في خزائن المال العام, تماماً كما كان حالها قبل 11 فبراير 2011م, وأن كرم العطايا والسخاء لذوي النضالات المزدوجة والمواقف المزدوجة والرجولة المزدوجة هو على أوجّه الآن؛ تماماً كما هو حاله قبل 11 فبراير 2011م. لا أسهل من الإقرار بحقيقة بات كتمها ينغّص معايشنا: نحن نجمع التبرعات لعمر لأننا فقدنا تماماً ثقتنا بالجهات المعنية, ولذا نناشدكم أنتم فقط أصحاب الضمائر الحيّة لمد يد العون لثائر جريح تخلّت عنه سُلطة الوفاق وتركته على مقعده لقسوة الظروف, وجحيم الأيام..!!. للتذكير: المبلغ الآن هو «800000 ثمانمائة ألف ريال».