في الفترة السابقة كان هناك هجوم واسع ضد العولمة من إسلاميين ويسارين واشتراكيين كأفراد وجماعات ودول التقوا جميعاً للتحذير من مخاطرها على مستوى الأفراد وعلى مستوى الشعوب، إلا أن الملاحظ أن كل هذه الانتقادات لم تؤتِ أكلها في حين أن العولمة تسير بخطى ثابتة ومتسارعة من خلال التكنولوجيا وأثرها وكذلك السلع لتغزو كل الدول بلا استثناء، فهي ليست سيارة أو قطاراً، بل هي ثقافة اقتصاد ، تكنلوجيا معلومات إلخ.. تقتحم البلدان دون إذن مسبق حتى وصل الحال بدولة كفرنسا لسن تشريعات لتحافظ على خصوصياتها، كاللغة من خلال منع إبرام العقود الخاصة بالتعاملات بلغة غير اللغة الفرنسية وكذلك التعميم على وسائلها الإعلامية إيماناً منهم بالنظرية «الكنزية» في علم الاقتصاد المبنية على ضرورة تدخل الدولة في جميع الشئون بما فيها الشئون الاقتصادية باعتبارها الجهاز التعويضي الذى بإمكانه أن يعوّض فشل السوق. في حين أن العولمة قائمة على مبدأ الربح والخسارة والاستحواذ على الثروة وفتح الأسواق وتحجيم الصناعات الوطنية واحتكار التكنولوجيا عالية الدقة المستخدمة في العمليات الإنتاجية والخدمية مما يؤكد أن العولمة ستقسم العالم إلى عالم غني وعالم فقير .. انضمام بلادنا لمنظمة التجارة العالمية كان المفترض أن يكون مبنياً على رؤى لمراكز بحثية تأخذ بعين الاعتبار الربح والخسارة، جرأ هذا الانضمام لاسيما عند معرفتنا أن انضمامنا يعني السير في طريق الخصخصة، فبلادنا ليست متهيئة ومؤهلة بشكل جيد، بل أنها دولة مستهلكة بامتياز ولا تملك ما يمكن أن تنافس به خاصة عند تخفيض الرسوم الجمركية للمنتجات المستوردة و بالتالي فإن الصناعات الوطنية ستتعرض للإفلاس وفقدان العديد من العاملين لوظائفهم وتضخم المشاكل يوماً بعد يوم تتجاوز حدود قدرة الدولة لإصلاحها، بمعنى آخر إن جدوى انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية لاتزال غامضة وغير واضحة المعالم بما فيه الكفاية لاسيما عندما ندرك أن منظمة التجارة العالمية من أهم وأخطر مؤسسات العولمة.