من حقنا أن نتساءل: الحوثيون إلى أين هم سائرون، وفي ماذا يفكّرون، ولمصلحة من يعملون؟!.. إذا تأملنا في الفكر الحوثي؛ نجد أن له أبعاداً سياسية وأهدافاً ثورية مذهبية مسيّسة وصولاً إلى الهيمنة وفرض الرأي بقوة السلاح والانقضاض على كرسي السلطة وإقامة «ولاية الفقيه». هذا الهدف الأسمى الذي يداعب أو يخالج الفكر الحوثي ذا الأبعاد المتعدّدة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً، علماً أن الفكر الحوثي له ارتباطات وتداخلات وثيقة وعلاقات قوية بأجندة إقليمية وخارجية داعمة لفكره ومذهبه ورؤاه السياسية. فالواقع أن قضية الفكر الحوثي قضية فكرية سياسية مؤدلجة بأفكار متطرّفة ومتمذهبة مع تيارات إقليمية وخارجية تقودها قيادات متمرّسة بالعمل السياسي والعسكري والاستخباراتي، فالفكر الحوثي في فحواه وأصوله يستند على أيديولوجيا تربوية مذهبية باحثة عن إقامة السلطة الدينية المرتكزة على «ولاية الفقيه» أما المظاهر الأخرى كالقوة العسكرية والإعلامية والسياسية التي تطغى على المشهد الراهن؛ فهي عبارة عن أدوات استعراض عضلات ورسائل للرأي العام بأننا موجودون على الخط الامامي ولنا ثقلنا وإمكاناتنا المعنوية والمادية والعسكرية. هناك قوى داخلية تدعم الفكر الحوثي، وقوى التمرد أياً كان مصدرها، وما يقوم به الحوثيون من أعمال منافية لكل القيم السماوية والأرضية من قتلٍ وسفك دماء وتخريب وتدمير يؤكد لنا كل يوم أنهم يهدفون إلى زعزعة الأمن والسلم الاجتماعي، وإشعال الفتن المذهبية والطائفية بين أبناء الوطن الواحد حتى يحلو لهم إقامة خلافتهم المزعومة؛ لذا لجأ الحوثيون إلى رفع مظلّة المذهب الزيدي كغطاء مذهبي يبرّرون به أنهم يسعون إلى بناء دولة يمنية إسلامية قائمة على أسس ودعائم المذهب الزيدي المعتدل، وأنهم يرجعون في نسبهم إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب «رضي الله عنه وأرضاه» الذي يعتنق مذهبه الكثير من أبناء قبائل اليمن. وفي حقيقة الأمر.. إن ما يقوم به الحوثيون باطل يراد به حق، أما المذهب «الجارودي» الذي يُنسب إلى أبي الجارود زياد بن أبي زياد، فهو مذهب متطرّف في فكره المذهبي والسياسي والديني الذي يقترب من «الاثنى عشري» من حيث المضمون والمحتوى، ويرى هذا المذهب أن النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام نصّ على إمامة وولاية الإمام علي بن أبي طالب «كرّم الله وجهه» بالوصف لا بالتسمية بأنه الإمام من بعده. علماً أن المذهب الزيدي الذي أسّسه الإمام «زيد بن علي بن أبي طالب» - رضي الله عنه وأرضاه- لم يأخذ باشتراط أو معايير النسب أو السلالة أو العائلة أو القرابة أو حتى أفضلية أو تمايز لحصر الخلافة أو الإمامة أو الولاية في آل البيت إطلاقاً؛ بل ترك ذلك لمصلحة المسلمين وعدالة من يرونه أهلاً للتقوى والخلافة مصداقاً لقوله تعالى: «إنًّ أكرمكم عند الله أتقاكم» هذا هو المقياس والميزان الحقيقي عند الله في الدنيا والآخرة؛ ودون ذلك باطل عاطل. والمستقرئ والفاحص لكتب ومراجع الزيدية على تراث ومذهب الإمام زيد «رضي الله عنه وأرضاه» يجد أن مذهبه الفكري يخلو تماماً من قدح أو تجريح أو سب أو شتم لكبار الصحابة أو التابعين «رضي الله عنهم جميعاً» أما الفِرق الزيدية المتنازعة فيما بينها من أجل السلطة وإقامة «ولاية الفقيه» كالزيدية الجارودية والزيدية الهادوية والجعفرية «الاثنى عشري» كلها هدفها إقامة ولاية البطنين «الحسن والحسين» على فكر ومذهب «الاثنى عشري». ولهذا نجد أن الفكر الحوثي فكر متطرّف معاند، متمرّد يرفض كل فكر أو مذهب يعارضه أو يقف ضده أو يحاول إقصاءه، لهذا وذاك لا يستبعد أن ما يقوم به الحوثيون من أعمال دموية وتخريب وتدمير وإقلاق للأمن العام له ارتباط وثيق بأجندة إقليمية وخارجية ومحلية بصفة خاصة. لذا وجب على الدولة والقيادة أن تقوم بمسؤولياتها ومهامها تجاه هذه الأعمال التي تضرُّ بسمعة الوطن أرضاً وإنساناً ووحدةً وانتماءً وهويّةً، فلابد من اتخاذ إجراءات حاسمة وصارمة لصون سيادة وتراب ووحدة الوطن حفاظاً على الثوابت الوطنية والقومية والهويّة والانتماء قبل فوات الآوان.. وكان الله في عون اليمن.