أجمعت كل القوى السياسية التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني الشامل على مخرجات الحوار ووقعت عليها، وهي تعلم أن الحوار قد نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وتعلم بأن الحوار تم برعاية دولية وإقليمية، وأن التقسيم إلى ستة أقاليم تنشأ على أساسها الدولة الاتحادية كان أحد مخرجات الحوار الأساسية. لكن ما يثير العجب والاستغراب أن تبادر بعض القوى المشاركة في الحوار إلى إعلان مواقف جديدة عقب صدور قرار باعتماد مشروع الأقاليم الستة بذريعة أن محاولة التأسيس على هذه الأقاليم ستفشل ولن يكتب لها النجاح وأن اليمن ستتشطر إلى هذه الأقاليم وأن ذلك سيكون لمصلحة القوى الدولية والإقليمية على حساب مصلحة اليمن . ويفهم من مواقف هذه الأطراف أن مصلحة اليمن لن تتحقق إلا في حالة نجاح التأسيس على هذه الأقاليم فقط لكنهم يشككون في هذا النجاح، في الوقت الذي يعتقدون بأن مصلحة القوى الدولية مضمونة في حالتي نجاح التجربة أو فشلها معاً. وبافتراض صحة زعمهم هذا فمعنى ذلك بصراحة أن الموقف الصحيح الذي يتعين أن يتخذوه هو أن تحشد جميع الطاقات السياسية والجماهيرية لترجيح كفة نجاح التجربة لا في اتجاه ترجيح احتمال الفشل. أما في حالة إصرارهم على استمرار نفس مواقفهم المعلنة ضد مشروع الأقاليم، فإنهم بذلك يصرون على ترجيح احتمال الفشل لا قدر الله، وبذلك هم يتنكرون لمصلحة وطنهم ويخدمون فقط مصلحة القوى الدولية والإقليمية، و إلا فليوضحوا لنا ويفسروا مواقفهم هذه بخلاف فهمنا هذا إن كانوا على حق. وليس بخافٍ على أحد بأن الحوثيين يعتبرون أحد أهم وابرز أصحاب المواقف المشككة بمشروع الأقاليم، وأنهم مع أحد الأطراف الأخرى صاروا مشككين بثورات الربيع العربي باعتبارها مجرد فوضى خلاقة خطط لها الصهاينة والأمريكان حسب ما يعلنون . فبعد أن كانت هذه النظرة قاصرة على المؤتمر الشعبي العام الذي لم يغير موقفه من البداية، صار الحوثيون الذين تنكروا لثورات الربيع العربي في وقت لاحق، وبخاصة عقب ما حدث في مصر رديفاً للمؤتمر الشعبي في هذه المواقف. وما يزيد من استغرابنا أن الحوثيين استثنوا ثورة الشباب الشعبية في اليمن معترفين بها دون سواها وانظموا إلى القوى السياسية التي دعت إلى تجديد الثورة لتصحيح مسارها بزعم أن المشاركين في حكومة الوفاق قد سخروا الثورة من أجل الوصول إلى السلطة فقط. ونتيجة لهذه التطورات في المواقف تابعنا خروج حشدين لنفس مسمى الثورة الشبابية الشعبية، لكن بشعارات مختلفة. طرف يؤيد الحكومة ويطالب بإسقاط الفساد والفاسدين ومعالجة الجرحى وتحرير الثوار المعتقلين، والطرف الآخر المشكك بالأقاليم أو الرافض لها يطالب الرئيس بإقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة بدل الحكومة الحالية مهددين بالخروج لإسقاط النظام الحالي كما أسقط النظام السابق، إن لم يستجب لهم. وكأنهم بهذه المواقف يقولون بأنهم مع الأقاليم ومع مصلحة اليمن ومصلحة القوى الدولية إن تم الاستجابة لمطلبهم تشكيل حكومة جديدة، مالم فإنهم ضد الأقاليم ويفضلون عدم نجاح التجربة أي أنهم في هذه الحالة مع مصلحة القوى الدولية ومصالحهم الذاتية على حساب مصلحة الوطن . وفي حالة إصرار القوى المؤيدة للأقاليم على عدم تغيير الحكومة فمعنى ذلك أن الطرفين، المؤيد والمعارض لا يهمهما غير مصالحهما الذاتية المرهونة بمصلحة القوى الدولية والإقليمية إما بنجاح التجربة أو بفشلها، وكلاهما يزايدان على ثورة فبراير الشبابية الشعبية ولا يعنيهما أهداف هذه الثورة، خاصة وأن شهداءها لم يعطوا حقوقهم وكذلك الجرحى. نأمل أن نجد تفسيرات واضحة من قبل جميع الأطراف للتعامل معنا كشعب ومواطنين بشفافية دون مغالطة أو ابتزاز أو فساد. وأملنا كبير بدور رئيس الجمهورية وبجهوده المخلصة راجين أن يحول دون تسلل الفاسدين والمطبلين إلى السلطة كعادتهم وبأساليبهم القديمة – الجديدة. والله من وراء القصد،،.