يجري حالياً الإعداد لتنفيذ المشروع السكاني في بلادنا, وهذا يتطلب تسجيل المئات أو الآلاف من الكوادر اللازمة للقيام بمهمة هذا التعداد. وبالنظر إلى ما تمر به بلادنا من أوضاع وأحداث سياسية واختلالات أمنية سواء في المحافظات الشمالية أو الجنوبية وما يعانيه الشباب ذكوراً وإناثاً من البطالة وضيق الأحوال المعيشية , وتحديداً ما يعانيه خريجو الجامعات العاكفين على تجديد تسجيل أسمائهم لدى وزارة الخدمة المدنية وجميع مكاتبها الفرعية في كافة محافظات البلاد على أمل انتظار دورهم في التوظيف كان الخيار الأفضل والصائب بكل المقاييس أن يعتمد على اختيار كوادر تنفيذ التعداد السكاني من بين هؤلاء الخريجين المسجلين في قوائم الخدمة المدنية حسب أقدميتهم وحسب التخصصات الأنسب فالأنسب وبحسب المديريات التي يعيشون فيها والمحسوبين عليها في سجلات الخدمة ليتم توزيعهم عليها لتسهيل المهمة عليهم ولضمان أفضل النتائج المنشودة بالنظر إلى الظروف الأمنية المختلة السائدة. ومثل هذا الخيار سيجنبنا الوقوع في مثالب الصراعات والتقاسمات الحزبية , وسيقلص الفرصة أمام قوى الفساد التي اعتادت على استحواذ الوظائف حتى الموسمية مثل هذه القرصنة وغيرها , واعتمادها على الوساطات كامتيازات ذاتية أو حزبية أو جهوية أكانت قبلية أو مناطقية. فغير خيار الاعتماد على سجلات الخريجين في الخدمة المدنية ومكاتبها معناه استقطاب مواطنين في الجهات الرسمية والقطاع الخاص ممن لهم رواتب ودخول يعتاشون منها , وسيضطرون إلى ترك وظائفهم خلال فترة التعداد وسيكون من بينهم من لا يحملون مؤهلات علمية مناسبة ولا يتمتعون بالوعي الكافي عن أهمية التعداد , وربما لا يحسنون التعامل مع الناس أو لن يجدون القبول والتعاون معهم جماهيرياً في معظم المحافظات وخاصة الجنوبية والمحافظات المضطربة في الجنوب والشمال. والأجدى من ذلك الاعتماد على سجلات الخدمة المدنية كما اسلفنا لمصلحة الخريجين العاطلين عن العمل وأسرهم ولمصلحة نجاح مشروع التعداد وبأقل السلبيات. وكان أمل الخريجين والمجتمع عموماً أن تجد هذه القضية الاهتمام الكافي من قبل محافظي المحافظات ومديري المديريات ناهيك عن اهتمام أكبر من قبل وزارة الخدمة المدنية , ولسنا مبالغين لو قلنا بأن مثل هذه القضية تتطلب الاهتمام المباشر من قبل رئيس الوزراء والحكومة كلها ليعكسوا مدى اهتمامهم بالشباب وبقضية تحجيم قوى الفساد وممارساتهم. علماً بان نجاح مشروع التعداد سيحسب إنجازاً للقيادة السياسية والحكومة والمحافظين ومدراء المديريات , ونجاح للشباب ذكوراً وإناثاً , وتعبيراً عن مدى اهتمام الدولة ومسئوليها واجتهادهم في مكافحة البطالة والفقر للانطلاق نحو مستقبل أفضل. فالخيارات المرجحة في هذه القضية ستعكس نفسها إيجابياً أو سلبياً على عموم المواطنين وبالتالي نظرتهم وثقتهم بالدولة ومسئوليها. والله من وراء القصد.