تعز عاصمة الثقافة في الجمهورية اليمنية، وعاصمة إقليم الجند القادم، تعز المتربعة على قلوب زوارها، وحاضنة جبل صبر تفتتح قلعة القاهرة لتتحوّل إلى مزار مختلف لمدينة تحتضن الحلم والإصرار كما تحتضن التاريخ. أسعدني وأنا أشاهد فعالية افتتاح قلعة القاهرة من قناة «السعيدة» وحضور القاضي الحجري، محافظ محافظة تعز الأسبق، ومحافظ تعز الحالي شوقي هائل كنوع من الاعتراف لصاحب الفكرة الأول في ترميم قلعة القاهرة أن تُفتح القلعة كمكان للاحتفالات وربما للمهرجانات الفنية كتلك التي تحدث في مدينة «جرش» الأثرية في المملكة الأردنية خاصة أن قلعة القاهرة لا تقلّ جمالاً كمعلم تاريخي وجمالي عن المعالم التاريخية في العالم. وتخيلت الرهائن - من أولاد المشائخ والتجار الذين كان يحتجزهم الإمام في القلعة كضمان لولاء آبائهم - وهم يطلّون من قلعة القاهرة على مدينة تعز، ويقولون: أخيراً سيزورنا الحلم وتنطلق الحياة من سجن الماضي. هل يا ترى ستكون هناك برامج ثقافية ومهرجانات فنية تطلُّ من قلعة القاهرة على تعز الحياة، وسيكون هناك تفعيل للخدمات السياحية للقلعة كمزار تاريخي وسياحي يليق بقلعة القاهرة وخطة معلنة للعمل، أم ستظلّ الآمال محدودة في القول والخطابة..؟!. في الافتتاح لاحظت صوتاً غنائياً جميلاً لفتاة يعبّر عن تعز إنساناً وتراثاً، وبعض الأمور التراثية التعزية شكّلت معرضاً حيّاً لتراث مدينة تعز، ولكن دائمًا يظلّ هناك بعض التقصير في الإعداد لا يناسب حجم الفعالية كتلك الأناشيد التي قُدمت من إحدى المدارس الخاصة كما كان مخطوطاً في الورق على رؤوس الأطفال مع أنهم اجتهدوا في تقديم الفقرات لمدن يمنية مختلفة. لكن ما ساءني أن هناك قدرات أفضل بكثير من تلك القدرات كان يمكن أن تعبّر بشكل أفضل عن الفقرات التي قُدّمت، فبعض الفقرات كانت صعبة جداً على الأطفال، ولم يكن اختيارهم موفّقاً إلى حد بعيد، وهذا أول نقد يمكن أن يُقدّم إلى القائمين على الإعداد وهو أن يفتحوا باب المنافسة للجهات المختلفة لتقديم الأفضل. ولا يمكن أن يكون ما قُدّم ناتجاً عن منافسة بين قدرات تستحق الإشادة ولا عن أفضلية موضوعية، فالفقرات الفنية الراقصة وإن كانت رمزية تحتاج إلى قدرات حركية وصوتية متميّزة، ولكن لا يعني أن كل الأطفال كانوا بذات القدرات المتواضعة ولكن لنقل أغلبهم، وربما يرجع ذلك إلى قصر في تدريبهم وبالخلفيات للفقرات التي قدّمت ومن ثم انعكس ذلك سلباً في تقديمها. ولكن ما أثار استيائي أكثر هو تقديم أغنية لفنان اليمن الكبير أيوب طارش عبسي، ابن اليمن عموماًَ وابن تعز خاصة بصوت غير صوته؛ كيف لكل من أعدّ هذا الاحتفال أن يتجاهل صوت أيوب طارش، صوت تعز الأصيل ويستبدله بآخر..؟!. ما هكذا تورد يا سعد الإبل، لهذا لم تكن الفقرات موضوعية؛ لأن الموضوعية غابت عن الواقع. ملاحظة: بالمناسبة أنا لا أعرف أي شخص في الإعداد لهذا الافتتاح؛ ولكنني أعرف أن تعز تعبّر عن أبنائها، وافتتاح قلعة القاهرة هو تدشين انتظرناه طويلاً، وكنا نتمنّى أن يُقدّم بطريقة تليق بالمناسبة. وليعذرني كل من تعب وأعدّ وقدّم، فلا يوجد عمل كامل؛ ولكن يظل التذكير دائماً ينفع المؤمنين، وسنظل دائماً ننتظر الأفضل ونأمل تحقيقه.