من المؤسف أن البعض لايحسب لما يقوله حساباً ولايدرك آثار ذلك القول على المصداقية والوفاء، فاليوم يقول قولاً فيه من المديح ما يُفرح الممدوح وخصوصاً عندما يقبّح الآخر، وغداً سيقول قولاً في الممدوح تهتز لفجوره القيم والمبادئ وتتوارى من فجوره بدائع اللغة وتجف لغة الصحف ويندى له الجبين، وحين تحسب الفارق الزمني لاتجد له أثراً, وحين تبحث عن السبب لاتجد له سبباً غير النفاق والتزلف والإيمان بأن الغاية تبرر الوسيلة ،ولذلك على المعنيين بالمديح أن يدركوا أن من يكذب ولايقول الحقيقة لايمتلك ذرة من إخلاص وإخلاصه فقط لمصالحه وغاياته الشريرة، الأمر الذي ينبغي الحذر منه. إن الصادق الأمين الناصح من يقول العيوب والحسنات، لا من يطلق الفجور والخصام ويستخدم الشعارات المثيرة للفتنة, ولو أدرك السابقون واللاحقون حقيقة ذلك ما كان للنفاق مقام في مجتمع الإيمان والحكمة, ولو أدرك المشّاؤون بالنميمة والنفاق أن تجارتهم في التدليس والتملّق غير رائجة ماكان هذا حال المجتمع الذي ضاق من هول النفاق والغدر والخيانة. إن الخطر الماحق لايأتي مباشرة من الخارج وإنما من الداخل الذي يصاب بمرض الغدر ويعشق الخيانة ويتسلّح بالكذب ،ويتطوّق بالقدرة على الغواية وتزيين القبح والفجور , وعندما يدرك الأعداء من الخارج أن في الداخل أصحاب نفوس مريضة يمرقون من خلال تلك النفوس المريضة التي لاتعرف غير مصالحها الأنانية غير المشروعة فيجعلون منهم أدوات رخيصة تنفذ مايريدون بثمن بخس. إننا في مجتمع الإيمان والحكمة نطالب بصدق القول وعدالة الفعل ونزاهة المقصد وصدق الوفاء وقوة الإيمان بالله ,ولانقبل بالفجور في القول والفعل من أجل المصالح الخاصة أو على حساب الدين والوطن والإنسانية، ومن ينتمي إلى مجتمع الإيمان والحكمة يفضّل الموت على الغدر بالمبادئ والقيم, فهل يعي السابحون في النفاق أهمية ذلك؟ من أجل أن نقدم الخير للدين والوطن والإنسانية ونصون اليمن الواحد بإذن الله.