ما أسوأ شعور الصامت والصابر والمتحمل للألم و منتظر زواله كالذي يحدّق بنظره من على قمة جبل في يوم كئيب مظلم ليتطلع بزوغ شعاع فجر جديد يزيل عنه حياته الكئيبة والظلام والألم، لكن هذا الصمت يخفي وراءه الحيرة التي توقف الاستنطاق ولكنها تستعد للبوح والصراخ المدوي كانفجار فوهة بركان بعد أن استعصى الجدل وفقد استيعاب ما يدور على الأرض فاعلموا أيها السياسيون والنخب القادرة على التمحور لكل زمان ومكان من نظروا وخططوا بالأمس وينظرون ويخططون اليوم، اعلموا أن الصامتين إذا صرخوا فلن تصدوا صرختهم التي ستهز وتدمر أوكاركم وحيلكم وخططكم وخبثكم الذي تسمّمون به حياتنا و واقعنا ومستقبلنا، اصحوا من سباتكم وأوهامكم، إن شعباً صاحب حضارة وتاريخ تحمّل وصبر على عنجهيتكم وظلمكم واستبدادكم على أمل أن تصوبوا مساركم وتصلحوا أحواله ومن يأس رفضكم أن تحتالوا عليه وتعيدوا إنتاج ماضيه وتنمقوا صور رموزه التي تجاوزها الزمن وشاخ بها الوطن وحرموا الشباب من زمنهم فارضين أنفسهم رجالاً لكل المراحل. انظر وتمعن لنفس الصور، من دمروا وطننا واغتالوا أحلامنا وآمال آبائنا اليوم يدغدغون مشاعرنا، ونصبوا أنفسهم قادة لثورتنا التغييرية كانوا أدوات الديكتاتورية والدولة الاستبدادية، تنعموا واستفادوا في زمنها واليوم هم أعداؤها وسيجتثونها ليبنوا دولتنا الحلم القادم، الدولة الاتحادية العادلة، هل استوعبوا ذلك أم مجرد شعار يُردد، لأن الدولة المدنية هي تخلي كل ٍّمنهم عن امتيازاته ليرسي العدل الاجتماعي، فهل يقبلون معناها أن يكون القانون هو الحكم وهو السلطة النافذة وبتطبيقها يكونون للتقاعد سائرين والشباب لمواقعهم صاعدين ليس كما هو حاصل للوظائف هم يتداولون وبها متمسكون ويتقاسمون. صرخة الصامتين صرخة قاتلة للفساد والإفساد، للتقاسم والمحسوبية، للإعاقة والعرقلة، للمناطقية والمذهبية والطائفية للعجز والفشل، بل ستعيد الروح للوطن والأمة، لم يعد هناك مبرر للصمت، لأن الوطن ينهار ويتهاوى وبؤر الصراع تدمره وتعكر صفونا وتعيق انطلاقتنا إلى المستقبل المنشود. بلد فيه 25 مليون معظمهم صامتون ليسوا غافلين بل منتظرين، اليوم حان لهم أن يقولوا كلمتهم لينصروا الخير ودعاة الدولة المدنية الاتحادية الأمل القادم والمستقبل المنشود ويوجهوا ضربتهم القاتلة لقوى الشر، قوى الماضي العفن التي جرّعتنا العلقم والظلم وكل مآسي الزمن التي كانت تعشش في وطني اليمن السعيد الذي كان تعيساً وبدأت بوادر الخير تشع من الوسط الاجتماعي وتباشير الصرخة القاتلة بالموقف البطولي والوطني للشيخ علي القبلي تمران، أحد مشائخ مراد آل صياد، محافظة مأرب والذي قام بتسليم ابنه المتهم بالاشتراك في جريمة خطف المواطن الإيطالي بيير فرسيسكو كوتسلفو أثبت هذا الخبر أن الوطن بخير ورجاله الأوفياء كثيرون وموجودون وهم مغمورون في هذا الزمن الذي سطع فيه الأشرار لا الأخيار، وبرز السوء عن السوي، هنا ظهرت صورة اليمني الحقيقي والقبيلي الأصيل، هذه هي اليمن الحكمة والإيمان وهذا مثال لأبناء مأرب الذين ظلمهم أشرار القوم وبقايا مخلّفات الماضي العفن ها هو الشيخ علي تمران يحكي لنا عن الأصالة اليمنية والعدالة الاجتماعية والأخلاق القبلية والسلوك المدني، هل تتوالى أعمال الخير لتعم البلد وتسود ثقافة وسلوك وحضارة بدل أعمال الشر التي هي دخيلة على مجتمعنا وعاداتنا وسلوكنا وحضارتنا لتنتهي إلى الأبد دون رجعة، وها نحن نقترب من صرخة شعب ضاق وتعب ولم يطق مزيداً من الألم والمآسي والاخفاقات.