الدولة أي دولة لابد ان تكون قوية وعنوان قوتها اقتصاد تنبع قوته من تقديس العمل والإنتاج واحترام العلم ولديها جيش وأمن يحمي مقدراتها وسيادتها ويقف بقوة وحزم ضد الخارجين على النظام والقانون الناظم لحياة أفراد هذه الدولة ، ونحن في اليمن شئنا أم أبينا هناك أطراف وقوى ترفض الدولة والنظام والقانون لإنها لا تستطيع تحقيق مصالحها وممارسة الحكم والاستئثار بالسلطة والثروة إلا في ظل الفوضى وغياب الدولة والنظام والقانون. وتلك الأطراف والقوى تزدري الدولة والنظام والقانون وتراه ضعفاً وتقدس الأعراف والأسلاف والتراتبية والتصنيف في المجتمعات القبلية وما قبل الدولة فلا تعترف بمعايير العلم والكفاءة ولا بالعمل والإنتاج للعيش وتكوين الثروة فهي تريد ان تحصل على الثروة نظير ممارستها الحكم والتسلط لا نظيرعملها وانتاجها ولهذا فهي ترى العمل نقيصة والعلم مضيعة للوقت ولا يؤكل عيشاً فمصدر رزقها الحروب والنهب والفيد وأقتصاد المضاربات والصفقات السريعة المربحة وأداة رزقها السلاح بمختلف أنواعه والفهلوة لا القلم والمنجل والمطرقة والمعول والصدق والقيم الفاضلة. ولهذا فإنه من المنطقي أن تكون هذه القوى والأطراف هي التي تقف وراء اغتيالات الضباط والجنود المحترفين في الجيش والأمن وتنفيذ عمليات الهجوم والاقتحامات لمعسكرات الجيش والأمن والنقاط الأمنية ووراء حالات الإرباك بتعطيل الخدمات «قصف الكهرباء وتفجيرات انابيب النفط وقطع الطرقات» لخلق مزيد من الفوضى والإرباك بهدف تعطيل تنفيذ مسارات التغيير التي يمكن أن تسفر عن دولة شراكة وطنية ونظام وقانون فمثل هذه الدولة هي تحاربها بكل قوتها منذ أكثر من نصف قرن بل واكثر من ذلك . والمستفيد من غياب الدولة والنظام والقانون وانهيار المؤسسة العسكرية والأمنية هي القوى والأطراف الرافضة للتغيير التي تمتلك عناصر القوة « السلاح والمال » ولديها مليشيات وجماعات مسلحة تممتلك اسلحة ثقيلة ومتوسطة وتريد ان تنهار المؤسسة العسكرية والأمنية لتنقض على معسكراتها ومخازن سلاحها باعتبارها غنائم ومصدر لتسليح مليشياتها وجماعتها المسلحة التي ستنقض بها لاحقاً على السلطة والحكم لمنفذة وحامية للبلاد للتحكم بمبدأ القوة والغلبة . ما أشبه الليلة بالبارحة فقد تم تدمير الجيش الناشئ الفتي ووحداته الضاربة بعد فك حصار السبعين يوماً بافتعال أحداث أغسطس 68م الدامية وجعل معسكرات ووحدات الجيش تواجه بعضها بعضاً وتشكيل معسكرات جديدة بقيادات خاصة وتكوين مليشيات مسلحة لمنع تحويل انتصار ملحمة السبعين يوماً وتثبيت النظام الجمهوري إلى برنامج عمل يحول اهداف ثورة سبتمبر الى واقع عملي . وما يجري اليوم شبيه بما جرى بالأمس فالهدف هو اضعاف الجيش والأمن من خلال عمليات تدمير ممنهجة يتم من خلالها تنفيذ اغتيالات لقادة عسكريين وأمنيين وتفجير سيارات مفخخة واختراق معسكرات ووحدات عسكرية والتهديد بحصار معسكرات بمليشيات مسلحة واقتحامها وهناك بؤر توتر وتسخين لمواجهات في كل من عمران وحضرموت والضالع ويجري التخطيط والتحفز لفتح جبهات جديدة باختلاق اعذار متعددة و الهدف تخويف الجيش وزعزعة معنويات ضباطه وجنوده تمهيداً لتدميره . والأمر يتعلق بعدم السماح بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني على أرض الواقع باعتبارها برنامج تغيير شامل قبلت به تلك القوى نظرياً لكنها ترفض تحويله الى برنامج تنفيذي لأنها ترى فيه ما كانت تراه بالأمس في “ وثيقة العهد والاتفاق”التي فجرت بسببها حرب صيف 94م المشئومة وأوصلت البلاد والعباد الى ما هي عليه اليوم من حالات تشظي وانفلات وتهديد للوحدة الوطنية. فالصراع السياسي لمراكز القوى والحروب المفتلعة التي تديرها من خلال مليشياتها المسلحة يجعل استكمال هيكلة الجيش والأمن ضرورة ملحة وعاجلة لأن عدم استكمال الهيكلة يفتح ثغرات كبيرة، ويهدد المؤسسة العسكرية والأمنية ويقود البلاد نحو هاوية سحيقة خاصة وان هناك محاولات حثيثة باللجوء الى العنف واستخدام القوة ونقل الصراع من منطقة الى اخرى بهدف استدراج الجيش والأمن في هذا الصراع المتنقل وتفسير الصراع بأبعاد طائفية كل ذلك سيؤدي الى تفتيت الجيش والأمن وتحويله الى جماعات ومليشيات مسلحة تتبع هذا الطرف أو ذاك مما يهدد السلم الأهلي. وأخيراً : إن سياسة المراضاة ومحاولات تجنيب الجيش والأمن المواجهات الخاسرة باعتبار أن جميع من سيسقطون من الطرفين هم يمنيون وأن خيار حل المشاكل بالقوة اثبت فشله خلال المراحل السابق كل ذلك صحيح ومنطق عقلاني لكنه يفهم لدى اطراف وجماعات أنه نوعاً من الضعف ويشكل عامل اغراء لمزيد من التمادي فما المانع من استخدام القرار الدولي تحت البند السابع لتقوية هيبة الدولة وفرض حضوره فلا تنفيذ لمخرجات الحوار بدون هيبة الدولة وقوتها في ظل انتشار المليشيات والجماعات المسلحة.