الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة التي حكمت غصباً باسم الديمقراطية وتزوير شرعية صناديق الاقتراع، ظل قلق بالغ من الكلمة ينتابها ويلازمها، إذ يكون صوت واحد حر أقوى في المواجهة أمام ملايين الأصوات التي زورها الحاكم، فالصوت الواحد الذي يعترض إنما ينطق عن ملايين الصامتين الذين اغتصبت إرادتهم في الاختيار الحر، لذا فإني أعتقد أنه لا يوجد ما يمكن تسميته(الأغلبية الصامتة) طالما هناك ولو فرد واحد يتكلم ويقول (لا)، فالصوت الحر وإن كان الوحيد يشكل أغلبية في هذه المعادلة. راح الدكاتير في كثير من البلدان يزورون أيضاً كلمة(لا)، لم تتحوَّل(نعم) كما يحدث في صناديق الاقتراع، بل ظلت (لا) إنما باهتة ومائعة ومسبقة الدفع، صرفوا من المال العام على وسائل إعلام تسبِّح بحمدهم وتمجِّد ضحالتهم، كما أنفقوا على وسائل إعلام تعارضهم عند مستوى سقوف حددت لها سلفاً، راحوا يوظفون من ينتقدهم في مواجهة من ينتقدهم متخذين سياسة (وظِّف من ينتقدك) التي اتخذت شكلين، الأول تشكيل جيش من الكتبة المدفوع لهم لقاء المعارضة، والثاني محاولة استقطاب المعارضين الحقيقيين لينضموا لاحقاً إلى التشكيل الأول، وبين هؤلاء وهؤلاء هناك من شكلوا حالات اعتراضية حقيقية تم التعامل معهم بطرق أخرى معظمها بوليسية. (لا) الوحيدة أو النادرة في أحسن الأحوال تتعملق مع الوقت، وتصل إلى أفواه الصامتين التي نطقت عنهم في فترات خوفهم وخنوعهم، وتتكاثر الأصوات التي تشكل (لا)، وال (لا) تغدو لاءات يستحيل حصرها وتطويقها، ولا تنفع أموال الدنيا في شرائها. قولوا (لا) وإن لم يسمعكم سوى رجع صدى ال(لا) في آذانكم، فغداً تهطل ال(لا) لاءات تغطي الأرض وتحييها، وتذكروا أن التاريخ لا يدوِّن (نعم)، بقدر ما يحفل ويحتفي باللاءات.. المجد ل لا. twitter@ezzatmustafa