اختلفت القوى والأحزاب السياسية في بلادنا وفي مختلف الأقطار العربية حول ما سمي أحداث "الربيع العربي" فقسم اعتبر هذه الأحداث أنها ثورات شبابية شعبية, والقسم الآخر وصفها بأنها فوضى خلاقة من ورائها قوى صهيونية ودولية. وبعد إسقاط الرئيس مرسي في مصر حدث انقسام داخل القوى السياسية التي أيدت ثورات الربيع العربي فانقسمت إلى ثورة وثورة مضادة, وحدث ذلك في مصر ثم في اليمن. لكن الانقسام عكس نفسه على أنظمة سياسية إقليمية ومنها دول كانت ولاتزال قبل الانقسام وبعده حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة. وسواء صحّت التسمية للأحداث بالثورة, أو بالفوضى الخلاقة, أو سميت بالثورة والثورة المضادة وأياً كان المخططون لهذه الأحداث, فالمهم أنها أحدثت تغييرات وأطلقت شرارات لتحوّلات جذرية وحضارية جعلت هذه القوى السياسية في الأقطار العربية ومثلها القوى الإقليمية موزّعة إلى فريقين متضادين فريق مؤمن بقضية التغيير كسنّة إلهية وكونية ومؤيد للثورات، وفريق ضد التغيير وغير مؤمن بالسنّة الفطرية, ويعتقد بإمكانية منعها بل إعادة عقارب الساعة إلى الخلف. والفريقان لا يختلفان حول التبعية للولايات المتحدة, فكل منهما يسعى إلى ترجيح الموقف الأمريكي لصالحه؛ بينما الإدارة الأمريكية حائرة إن لم نقل عاجزة عن تأييد طرف على آخر، تاركة للطرفين حرية التصرُّف حتى ترجّح كفة إحداهما على الأخرى في الواقع المعاش والتطوّر وكأنها ستكون مع من رجحت كفته, شريطة أن يبقى الموقف تجاه إسرائيل وأمن إسرائيل كما هو. وما نريده من القوى السياسية والأحزاب في بلادنا هو أن تتوقف عن المماحكات والمزايدات, وعما إن كانت هذه الأحداث ثورة أو فوضى وعن التراشق بتهمة العمالة لأمريكا، فالجميع يتنافس لكسب ود أمريكا، والموقف الصحيح هو أن تكون مع التغيير أو ضده, لتتوقف الاغتيالات والتقطعات وتخريب أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز، ولتتوقف عمليات الاعتداء على الأمن والجيش، ولتتوقف عن ممارسة الاعتداءات على القطاعات الخدمية لمجرد الكسب غير المشروع واللهث وراء المناصب لا أكثر ولا أقل، فالشعب اليمني يعرف كل شيء، والتاريخ لن يرحم قوى الفساد والمزايدين ومصاصي دماء الشعب. والله من وراء القصد رابط المقال على الفيس بوك